قول أبى يوسف رحمه الله القول قول الأمة والمقر له لان دعواها حق الحرية بمنزلة دعواها حقيقة الحرية ولو قالت أنا حرة كان القول قولها ولا يثبت استحقاق يد ذي اليد عليها الا بحجة فكذلك هنا (توضيحه) أن المكاتبة في يد نفسها كالحرة فلا تظهر يد ذي اليد فيها مع دعواها أنها مكاتبة كما لا يظهر مع دعواها أنها حرة وهذا نوع استحسان ذهب إليه أبو يوسف رحمه الله والقياس قولها لأنها أقرت بالرق المسقط لاعتبار يدها في نفسها فلا تسمع دعواها الا بحجة (ألا ترى) انها لو ادعت شيأ من ذلك على ذي اليد لم تسمع الا بحجة فكذلك إذا ادعت على غيره وتصديق المقر له ليس بحجة في حق ذي اليد فوجوده كعدمه ولو قال المقر له هي أمة لي غير مدبرة كان القول فيها قول ذي اليد بالاتفاق فكذلك إذا صدقها في التدبير وعلي هذا الخلاف لو قالت كنت أمة لفلان فأعتقني وصدقها فلان بذلك فعلى قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله هي أمة لذي اليد لأنها أقرت بالرق ثم ادعت زواله بسبب حادث وعند أبي يوسف رحمه الله هي حرة لأنها لم تقر بالرق لذي اليد وزعمت أنها حرة في الحال ففي حق ذي اليد هذا ودعواها حرية الأصل سواء ولكن هذا غير صحيح لان دعواها حرية الأصل تتم بها ودعواها العتق من فلأن لا يتم الا بتصديق من فلان وتصديق فلان ليس بحجة على ذي اليد ولو كان في يد رجل غلام فقال أنا ابن فلان وأمي أم ولد له وقال ذو اليد أنت عبدي وأمك أمتي وقال المقر له هو ابني ففي قول أبي حنيفة رحمه الله هذا كالأول وهما جميعا لذي اليد لأنه أقر انه جزء من مملوكه فكما لم يقبل قول الأمة في ذلك على ذي اليد فكذلك قوله جزء منها وأبو يوسف رحمه الله قال القول قوله في ذلك كما بينا في الفصل الأول لأنه يجعل القول في ذلك قول الأمة استحسانا وأما محمد رحمه الله فإنه يقول هنا أجعل الولد حرا ابنا للذي ادعاه استحسانا وكذلك لو قال للذي هو في يده أنا ابنك من أم ولد لك هذه وكذبه المولى أجعله حرا استحسانا في قول محمد رحمه الله نص علي قوله هذا في بعض نسخ الاقرار ووجهه أن الولد هنا يدعى حرية الأصل لنفسه سواء ادعي انه ابن ذي اليد أو ابن غيره وفي حرية الأصل القول قوله كما لو قال أنا حر الأصل ولم يرد على هذا ولكن أبو حنيفة رحمه الله قال حكم اقراره هنا يتوقف علي تصديق المقر له فكان هذا ودعواه حرية العتق سواء بخلاف ما لو قال أنا حر الأصل فان حكم قوله هناك لا يتوقف على تصديق غيره ولو كان في يديه عبد وقال أعتقتني فكذبه المولى كان عبدا له بالاتفاق لأنه أقر على نفسه
(١٥٥)