المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ٤٩
التي يدفن فيها أهل ذلك الموضع أجعل له الاجر وهذا بنماء على عادة أهل الكوفة فان لكل درب فيهم مقبرة على حدة لأهلها فأما في ديارنا فلو انتقل من محلة إلى محلة فلا بد من تسمية المقبرة بناء على عرف ديارنا وان سمى له موضعا معلوما فحفر في موضع آخر فلا أجر له إلا أن يدفنوا في حفرته فان فعلوا ذلك فله الاجر حينئذ وكذلك أن أمروه بحفر القبر ولم يسموا موضعا فحفر في غير مقبرة أهل تلك البلدة أو تلك الناحية فلا أجر له إلا أن يدفنوا في حفرته فحينئذ يستوجب الاجر لوجود الرضاء منهم بعمله حين دفنوا المية فيه وان أرادوا منه تطيين القبر أو تجصيصه فليس ذلك عليه لأنه التزم عمل الحفر والتجصيص ليس من ذلك في شئ وفي العادة الذي يطين القبر غير الذي يحفره وان استأجروه ليحفر لهم القبر ولم يسموا له طوله ولا عرضه ولا عمقه في الأرض فهو فاسد في القياس لان القبور تختلف في الطول والعرف والعمق والعمل بحسبه يتفاوت ولكني أستحسن فأجبره فاقدره بوسط ما يعمل الناس لان ذلك معلوم بالعرف فهو كالشروط بالنص وبمطلق العقد يستحق الوسط في المعاوضات فإنه فوق الوكس ودون الشطط وخير الأمور أوسطها وان وصفوا له موضعا فوجد وجه الأرض لينا فلما حفر ذراعا وجد جبلا أجبره على أن يحفر إن كان مما يحفر الناس لأنه التزمه بمطلق العقد وإن لم يسموا له لحدا ولا شقا فهو على عادة أهل تلك الناحية فإن كان بالكوفة فعظم عملهم على اللحد وإن كان في بلد عظم عملهم على الشق فهو على الشق لان بمطلق العقد يستحق المتعارف والمتعارف ما عليه عظم العمل ولو استأجره ليكرى له نهرا أو قناة فأراد مفتحها ومصبها وعرضها وسمى له كم يمكن في الأرض فهو جائز وان اشترط طيها بالأجر والجص من عند الأجير فهو فاسد لأنه مشترى للأجر والجص فهذا بيع شرط في الإجارة وذلك مفسد للعقد وان شرط الاجر والجص من عند المستأجر ولم يسم عدد الاجر فهو في القياس فاسد لجهالة ما شرط عليه من العمل وذلك يتفاوت بتفاوت الآجر وفي الاستحسان هو جائز على ما يعمل الناس لان عدد ما يحتاج الناس إليه لذلك العمل من الآجر معلوم عند أهل الصنعة فيكون كالمشروط وان سمى عدد الآجر وكيل الجص وعرض الطي وطوله في السماء فهو أوثق لأنه عن المنازعة أبعد وان استأجر قوما يحفرون له سردابا لم يجز حتى يسمى طوله وعرضه وقعره في الأرض فالمعقود عليه لا يصير معلوما الا بذلك وبعد الاعلام إذا عمل بعضهم أكثر من غيره فالاجر بينهم على عدد الرؤوس لان
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست