المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ٤٤
ثم مقدار ما يبنى مجهول والضرر على حيطان السفل يتفاوت بقلة ذلك وكثرته وربما تفضى هذه الجهالة إلى المنازعة بخلاف الأرض فالضرر على الأرض لا يختلف بخفة البناء وثقله ولو استأجر موضع كوة ينقبها في حائط له يدخل عليه منها الضوء لم يجز لان هذا ليس من إجارات الناس ولان المقصود الانتفاع بما ليس من ملك المؤاجر وهو ضوء الشمس فكذلك لو استأجر موضعا ليتدفي حائط يعلق عليه شيئا فإنه لا يجوز من قبل أنه ليس معه أرض وبهذا اللفظ يستدل من لا يجوز من أصحابنا رحمهم الله استئجار البناء بدون الأرض ففي تأمله تنصيص على هذا ثم الضرر على الحائط يختلف بخفة ما يعلقه على الوتد أو بثقله فهو مجهول على وجه لا يمكن اعلامه وكذلك لو استأجر موضع ميزاب في حائط لان الضرر على الحائط يتفاوت بقلة الماء الذي يسيل في الميزاب وكثرته فاما إذا استأجر ميزابا مدة معلومة لينصبه في حائط يسيل فيه ماؤه فهذا جائز لأنه عين منتفع به استأجره لمنفعة معلومة وإذا استأجر رجلا ليعمل له عمل اليوم إلى الليل بدرهم خياطة أو صباغة أو خبزا أو غير ذلك فالإجارة فاسدة عند أبي حنيفة رحمه الله وفي قولهما يجوز استحسانا ويكون العقد على العمل دون اليوم حتى إذا فرغ منه نصف النهار فله الاجر كاملا وإن لم يفرغ في اليوم فله أن يعمله في الغد لان المقصود العمل وهو معلوم مسمى وذكر الوقت للاستعجال لا لتعليق العقد به فكأنه استأجره للعمل على أن يفرغ منه في أسرع أوقات الامكان وهذا لان المستأجر إنما يلتزم البدل بمقابلة ما هو مقصود له وذلك العمل دون المدة وأبو حنيفة رحمه الله يقول جمع في العقدتين تسمية العمل والمدة وحكمهما مخلف فموجب تسمية المدة استحقاق منافعه في جميع المدة بالعقد وموجب تسمية العمل أن يكون المعقود عليه الوصف الذي يحدثه في المعمول لا منافعه ويتعذر الجمع بينهما اعتبارا وليس أحدهما بالاعتبار بأولى من الآخر فيفسد العقد بجهالة المعقود عليه وقد تفضى هذه الجهالة إلى المنازعة فإنه إذا فرغ من العمل قبل مضى اليوم فللمستأجر أن يقول منافعك في بقية اليوم حقي باعتبار تسمية الوقت وأنا استعملك وإذا لم يفرغ من العمل في اليوم فللأجير أن يقول عند مضي اليوم قد انتهى العقد بانتهاء المدة وإن كان العمل مقصود المستأجر فالمدة مقصود الأجير فليس البناء على مقصود أحدهما بأولى من البناء على مقصود الاخر ولان الأجير يلتزم مالا قدر عليه هو إقامة جميع العمل المسمى في الوقت المسمى وروى محمد عن أبي حنيفة رحمهما الله أنه لو استأجره ليخيط له هذا القميص لا يجوز ولو قال في اليوم يجوز لان بحرف في
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست