المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ٤٢
الموزونة فإنها تتفاوت في الوزن فأما ما يعد ولا يوزن كالعطريفي فإذا سمى العدد فيه جاز كما في الفلوس وان أشار إلى دراهم بعينها جازت الإجارة وإن لم تكن معلومة القدر كالثمن في البيع بخلاف السلم عند أبي حنيفة رحمه الله وقد بينا الفرق في البيوع فان قال مائة درهم عددا مما يدخل في المائة خمسة كان جائزا لأنه قد سمى الوزن بما ذكر معناه فيما يزن خمسة وتسعين درهما فكأنه قال مائة الا خمسة. ولو استأجر رجلا يكتب له مصحفا أو فقها معلوما كان جائزا لان الكتابة عمل معلوم وهو يتحقق من المسلم والكافر ثم الاستئجار عليه متعارف وقيل الاستئجار على الكتابة كالاستئجار على الصياغة لان بعمله يحدث لون الحبر في البياض أو كالاستئجار على النقش وذلك جائز إذا كان معلوما عند أهل الصنعة (قال) الشيخ الامام رحمه الله الأصح عندي أن المقصود هنا يحصل بعمل الأجير وهي الكتابة بخلاف التعليم فالمقصود هناك لا يجعل الا بمعنى في المتعلم وايجاد ذلك ليس في وسع المعلم بينهما ولو استأجر رجلا يعمل عملا فلا أجر له في ذلك بخلاف ما لو استأجر نصيبه من دار بينهما وقد بينا هذا ولو استأجر الوصي نفسه أو عبده يعمل لليتيم لم يجز أما عند محمد رحمه الله فلان الوصي لا ينفر بالعقد لليتيم مع نفسه بحال كما في البيع وعند أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله لا يجوز ذلك الا بمنفعة ظاهرة ولا منفعة هنا لان من جهة الوصي مما ليس بمتقوم لنفسه ويشترط على اليتيم بمقابلته مالا متقوما فهذا لا يجوز ولم يذكر أنه لو استأجر اليتيم أو عبد اليتيم بمال نفسه ليعمل له هل يجوز أم لا قالوا وينبغي أن يجوز ذلك عند أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله لما فيه من المنفعة الظاهرة لليتيم فإنه يدخل في ملكه مالا بإزاء ما ليس بمال والأب يستأجر نفسه أو عبده لعمل يعمله لولده فيجوز ذلك ويستوجب الاجر لان شفقة الأبوة تمنعه من ترك النظر له فيجوز عقده مع نفسه من غير اشتراط منفعة ظاهرة لولده فيه ولو استأجر الوصي من نفسه عبدا لليتيم ليعمل ليتيم آخر في حجرة وهو وصيهما فهذا لا يجوز لأنه ان نفع أحدهما أضر بالآخر وهو لا ينفرد بالتصرف الا بمنفعة ظاهرة ولا يجوز للصبي أن يؤاجر نفسه لأنه عقد معاوضة كالبيع فلا يملكه المحجوز عليه وإنما ذلك إلى وليه وله الاجر ان عمل استحسانا وفي القياس لا أجر له لأن العقد باطل ووجوب الاجر باعتباره فإذا بطل لم يجب الاجر وفي الاستحسان يجب الاجر لان هذا العقد منه تمحض منفعة بعد إقامة العمل فانا لو اعتبرنا العقد استوجب الاجر ولو لم يعتبره لم يجب له الاجر والصبي لا يكون محجورا عما يتمحض منفعة له
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست