ليس ببدل الصرف وإنما هو بدل الغصب أو مال مستهلك وقد تقدم بيان صحة التأجيل به وإذا كان لرجل على رجل دين فشهد شاهدان أنه وهبه أو تصدق به عليه أو أبرأه منه أو حلله أو أوفاه ثم رجع ضمنا المال لأنهما أتلفا عليه المال بشهادتهما فان (قيل) قد أتلفا عليه الدين فكيف يضمنا له العين (قلنا) قد أتلفا عليه دينا يتعين بالقبض فيضمنان له مثل ذلك دينا في ذمتهما يتعين بالقبض منهما. وان شهدا أنه أجله سنة فقضى بذلك ثم رجع قبل الحل أو بعده ضمنا المال للطالب لأنهما فوتا عليه حق القبض بالشهادة بالتأجيل إلى انقضاء الأجل وذلك موجب للضمان عليهما وهذا لان التأجيل في الحكم كالابراء (ألا ترى) أن المريض إذا أجل في دين له يعتبر خروجه من الثلث كما لو أبرأ ثم هذا يتضح في رجوعهما قبل حل الاجل وكذلك لو رجعا بعد حل الاجل لأن الضمان عليهما عند الرجوع بالشهادة لا بالرجوع فالاتلاف بالشهادة يحصل وإذا صار ضامنين بها لا يسقط الضمان عنهما بحلول الاجل كالوكيل بالبيع بثمن حال إذا باع ثمن حال ثم أجل عن المشترى كان ضامنا للموكل قبل حلول الأجل وبعده لهذا المعنى ولان الضامن كان ضامنا للموكل قبل حلول الأجل وبعده ولأن الضمان إنما وجب عليهما بسبب الاتلاف لما بينا أنهما بشهادتهما فوتا عليه حق القبض وبحلول الاجل لم يتبين أن ذلك لم يكن اتلافا فلهذا كان له حق الرجوع عليهما وكان الخيار له ان شاء أخذ المطلوب وان شاء أخذ الشاهد فإذا أخذ الشاهد كان لهما حق الرجوع به على المطلوب إلى أجله لأنهما ملكا ذلك المال بالضمان في ذمة المطلوب ولان الطالب حين ضمنهما فقد أقامهما مقام نفسه في الرجوع على المطلوب فان لوى على المطلوب برئ من الشاهدين لأنهما قاما في ذلك مقام الطالب لو اختار الرجوع على المطلوب ولا يكون لهما حق الرجوع على الطالب لأنهما قاما مقامه ثم إذا أدي للطالب لا يكون له حق الرجوع على أحد فكذلك للذي قام مقامه بخلاف الحوالة فإنه إذا نوى المال على المحتال عليه يرجع به على المحيل لان تحول الحق إلى ذمة المحتال عليه كان بشرط سلامة المال للطالب من المحتال عليه فإذا لم يسلم عاد إلى ذمة المحيل وهنا أصل المال صار للشاهدين بالضمان مطلقا فان خرجا كانا لهما وان نوى كانا عليهما لأنهما قاما في ذلك مقام الطالب. ولو شهدا على رجل انه وهب عبده لهذا الرجل وقبضه وقضى القاضي بشهادتهما ثم رجعا ضمنا قيمة العبد لأنهما أتلفا ملكه بغير عوض ولا رجوع للمولى في الهبة إذا أخذ القيمة اما لان القيمة عوض له من هبته أو لان يزعم أنه ملك العبد من الشاهدين بما أخذ
(١٩١)