المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ١٩٤
عقد الرهن لا يتعلق به اللزوم في جانب المرتهن (فان قيل) فلماذا تقبل البينة عليه بذلك وهي لا تلزم شيئا (قلنا) اثبات السبب بالبينة صحيح وان كأن لا يتعلق به اللزوم في الحال كما في البيع بشرط الخيار للبائع أو للمشترى إلا أن يكونا شهدا عليه برهن هالك في يده فحينئذ هذا بمنزلة شهادتهما عليه باستيفاء الدين لان الاستيفاء يتم بملك الرهن فيكونان متلفين للمال عليه فيضمنان له ذلك عند الرجوع وإذا عمل المضارب بالمال وربح فادعي انه أخذه مضاربة بالنصف وشهد له شاهدان ورب المال يقول بالثلث واخذ المضارب نصف الربح ورد الباقي ثم رجع الشاهدان ضمنا السدس الذي شهدا به لان القول قول رب المال لولا شهادتهما فما زاد على الثلث إلى اتمام النصف إنما استحقه المضارب على رب المال بشهادتهما وقد أقرا بالرجوع أنهما أتلفا ذلك عليه بغير حق ولو كان الربح كله دينا لم يضمنا شيئا حتى يقبض فما قبض منه اقتسماه نصفين ويضمن الشاهدان سدسه لرب المال لان وجوب الضمان عليهما بتفويت اليد على نفس المال ولا يتحقق ذلك ما لم يخرج الدين وتصل إلى المضارب حصته فعند ذلك يتم التفويت عليه بسبب شهادتهما ولو شهدا انه أعطاه الثلث فلا ضمان عليهما في هذا الوجه إذا رجعا لان القول قول رب المال بغير شهود فلم يتلفا على المضارب شيئا بشهادتهما إذ الاستحقاق لم يثبت له بمجرد دعواه النصف بخلاف الأول فرب المال هناك ما يستحق للربح باعتبار انه ماله فهما اتلفا عليه بشهادتهما ما كان مستحقا له فيضمنان إذا رجعا ولو نوى رأس المال في الوجهين لم يضمنا شيأ لأنهما ما شهدا في رأس المال بشئ إنما شهادتهما في الربح ولم يظهر الربح ولو شهدا أنهما اشتركا ورأس مالك كل واحد منهما ألف درهم على أن الربح بينهما أثلاثا وصاحب الثلث يدعى النصف وقد ربحا قبل الشهادة فقسمه القاضي بينهما أثلاثا ثم رجعا ضمنا لصاحب الثلث ما بين الثلث والنصف في كل ربح كان قبل الشهادة لان كل واحد منهما مستحق لنصف الربح عند تساويهما في رأس المال والقول قول مدعي النصف لولا شهادتهما فما زاد على الثلث إلى النصف أتلفاه بشهادتهما على من أخذ الثلث بغير حق وما ربحا فيما اشتريا بعد الشهادة فلا ضمان عليهما فيه لان كل واحد منهما متمكن من فسخ الشركة بغير رضا صاحبه فاقدامها على التصرف بعد قضاء القاضي بان الربح أثلاث يكون رضا منهما بذلك ورضا المتلف عليه يمنع وجوب الضمان على المتلف بطريق المباشرة فبالشهادة أولى ولو كان في يدي رجل مال فشهد شاهدان لرجل أنه شريكه شركة مفاوضة فقضى القاضي له بنصف
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 » »»
الفهرست