المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ١٩٦
درهم ثم رجعا ضمنا مائة درهم للطالب لان القول قوله في الثوب انه ملكه باعتبار يده فهما أتلفا عليه ملك الثوب بشهادتهما انه للمطلوب فيضمنان له عند الرجوع (فان قيل) كيف يضمنان ولم يخرج الثوب من يده حتى هلك (قلنا) عين الرهن أمانة في يد المرتهن فيده في ذلك كيد الراهن ثم أثبتا بشهادتهما يد الاستيفاء للمرتهن في مقدار المائة وقد تم ذلك بهلاك الرهن فكأنهما شهدا عليه انه استوفاه مائة ثم رجعا ولو كان ذو اليد مقرا بالثوب للراهن غير أنه يقول هو عندي وديعة وقال الراهن بل هو رهن عندك وأقام شاهدين عليه فقضى به ثم هلك ثم رجعا فلا ضمان عليهما لأنهما لم يتلفا على ذي اليد عين الثوب لأنه لا يدعى ملكه لنفسه وقد كان متمكنا من رده على الراهن بعد قضاء القاضي فالرهن لا يكون لازما في جانب المرتهن فيجعل إمساكه الثوب بعد قضاء القاضي بأنه رهن عنده رضا منه بما شهدا عليه فلا يضمنان له عند الرجوع شيئا بخلاف الأول فقد أتلفا عليه ملكه في الثوب هناك ولو شهد شاهدان على رجل أنه أسلم عشرة دراهم في كر حنطة إلى رجل يجحد ذلك ولم يعترفا فقضى القاضي به وأمر بدفع العشرة إليه وأوجب الكر عليه ثم رجعا فلا ضمان عليهما حتى يقبض الكر لأنهما الزما المسلم إليه الكر دينا فلو ضمنا له يضمنان العين والعين فوق الدين في المالية وضمان الاتلاف يتقدر بالمثل فإذا قبضه منهما فهما ضامنان لطعام مثله الا عشرة دراهم ينقص من ذلك الكر لان مقدار العشرة حصل الاتلاف فيه بعوض فلا يجب ضمانه عليهما عند الرجوع وما زاد على ذلك أتلفاه بغير عوض فإن كان رأس المال مثل الكر لم يضمنا شيئا لأنهما عوضاه مثل ما أتلفا عليه والاتلاف بعوض يعدل المتلف ولا يوجب الضمان على المتلف. ولو شهدا على رجل أنه أكرى شق محمل إلى مكة بمائة درهم فقضى له القاضي وحمله وقبض الاجر ثم رجعا عن شهادتهما فلا ضمان عليهما إذا كان المستأجر هو المدعى وإن كان الاجر ضعف ذلك لأنهما أتلفا المنفعة على رب الإبل والمنفعة ليست بمال يضمن بالاستهلاك عندنا ولو أتلفاه مباشرة بان ركبا لم يضمنا فإذا أتلفاه بشهادتهما أولى وإن كان ادعاه صاحب الإبل وجحده المستأجر ضمنا له مما أدى ما زاد على أجر مثل البعير لأنهما أتلفا عليه ما التزماه بشهادتهما من الاجر وعوضاه من ذلك منفعة البعير والمنافع تتقوم بالعقد وتأخذ حكم المالية ولهذا لا يثبت الحيوان دينا في الذمة بمقابلته فلا يضمنان مقدار ما أتلفاه بعوض ويضمنان ما سوى ذلك لأنه لولا شهادتهما لكان القول قول الراكب ولم يضمن شيأ فإنما لزمه الاجر بشهادتهما ولو أقر عند الرجوع
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 » »»
الفهرست