أن ذلك كان في الحد وأنا أقول في الحدود إذا عمى قبل الأداء أو بعد الأداء قبل الامضاء فإنه لا تعمل بشهادته لان الحدود تندرئ بالشبهات والصوت والنغمة في حق الأعمى تقام مقام المعاينة في حق البصير والحدود لا تقام بما يقوم مقام الغير بخلاف الأموال والمعنى فيه أن في شهادة الأعمى تهمة يمكن التحرز عنها بجنس الشهود وذلك يمنع قبول الشهادة كما في شهادة الأب لولده وبيان الوصف أنه يحتاج عند أداء الشهادة إلى التمييز بين المشهود له والمشهود عليه والإشارة إليهما والى المشهود به فيما يجب احضاره وآلة هذا التمييز البصير وقد عدم الأعمى ذلك المعنى وإنما يميز بالصوت والنغمة أو بخبر الغير فكما لا يجوز له ولا للبصير أن يشهد بخبر الغير فكذلك لا تقبل شهادته إذا كان تمييزه بخبر الغير والأعمى في أداء الشهادة كالبصير إذا شهد من وراء الحجاب وهذا بخلاف الوطئ فإنه يجوز أن يعتمد فيه على خبر الواحد إذا أخبره ان هذه امرأته وقد زفت إليه وهذا لان الضرورة تتحقق فيه فالأعمى يحتاج إلى قضاء الشهوة والنسل كالبصير ولا ضرورة هنا ففي الشهود كثرة وهذا بخلاف الموت فان ذلك لا يمكن التحرز عنه بجنس الشهود فالمدعى وان استكثر من الشهود يحتاج إلى إقامة الاسم والنسبة مقام الإشارة عند موت المشهود عليه أو غيبته على أن هناك الإشارة تقع إلى وكيل الغائب ووصى الميت وهو في ذلك قائم مقامه ولا يقال بأنه ما كان يعلم عند الاستشهاد ان الشاهد يبتلى بالعمى لان هذا المعنى يضعف بما إذا فسق الشاهد بعد التحمل فان شهادته لا تقبل والمدعي ما كان يعلم أن الشاهد يفسق بعد التحمل ثم هذا في القصاص والحدود التي فيها حق العباد موجود وكم يعتبر مع عظم حرمتها فلأن لا يعتبر في الأموال مع خفة حرمتها أولى ثم بماذا يعرف انه كان بصيرا وقت التحمل فان قول الشاهد في ذلك غير مقبول وقول المدعى كذلك والمدعى عليه منكر للمشهود به أصلا (قال) ويتصور هذا فيما إذا جاء وهو بصير ليؤدي الشهادة فلم يتفرغ القاضي لسماع شهادته حتى عمى أو كان القاضي يعرف الوقت الذي عمى هو فيه وتاريخ المدعى سابق على ذلك ولا تجوز شهادة الأخرس لان أداء الشهادة يختص بلفظ الشهادة حتى إذا قال الشاهد أخبر واعلم لا يقبل ذلك منه ولفظ الشهادة لا يتحقق من الأخرس ثم شهادة الأخرس مشتبهة فإنه يستدل بإشارته على مراده بطريق غير موجب للعلم فتتمكن من شهادته تهمة يمكن التحرز عنها بجنس الشهود ولا تكون إشارته أقوى من عبارة الناطق لو قال أخبر ولا تقبل شهادة الفاسق لان الله تعالى أمر بالتوقف في خبر الفاسق بقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ
(١٣٠)