المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ١٢٦
الشهادة على التأييد وكذلك باعتبار الكذب فلا تأثير للكذب في رد الشهادة على التأييد ولان هذا افتراء منه على عبد من عباد الله فلا يكون أعظم من افترائه على الله تعالى وهو الكفر وذلك لا يوجب رد الشهادة على التأييد ولأنه نسبة الغير إلى الزنا فلا يكون أقوى من مباشرة فعل الزنا وذلك لا يوجب رد الشهادة على التأييد وهذا على أصلكم أظهر فإنكم تقولون قبل إقامة الحد عليه تقبل شهادته وإن لم يتب وبالاتفاق إذا تاب قبل إقامة الحد عليه تقبل شهادته ولا جائز أن يكون الموجب لرد الشهادة إقامة الحد عليه فان ذلك فعل الغير به وتعتبر إقامة هذا الحد بإقامة سائر الحدود وهذا لان الحد من وجه يقام تطهيرا قال صلى الله عليه وسلم الحدود كفارات لأهلها فلا يصلح أن تكون سببا لرد شهادته على التأييد وحاله إذا تاب بعد إقامة الحد عليه أحسن من حاله قبل إقامة الحد عليه فإذا بطل الوجهان صح أن الموجب لرد شهادته سمة الفسق وقد ارتفع ذلك بالتوبة بدليل قبول خبره في الديانات ولهذا قلت قبل إقامة الحد عليه لا تقبل شهادته عليه إذا لم يتب لان الفسق ثبت بنفس القذف لما فيه من هتك ستر العفة على المسلم ولهذا لزمه الحد به والحد لا يجب الا بارتكاب جريمة موجبة للفسق ولان هذا محدود في قذف حسنت توبته فتقبل شهادته كالذمي إذا أسلم بعد إقامة الحد عليه * وحجتنا في ذلك من حيث الظاهر قوله تعالى ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا والأبد ما لا نهاية له فالتنصيص عليه في بيان رد شهادته دليل على أنه يتناول الشهادة على التأييد ومعنى قوله لهم أي للمحدود في القذف وبالتوبة لا يخرج من أن يكون محدودا في قذف بخلاف قوله تعالى ولا تصل على أحد منهما مات أبدا ومعناه من المنافقين وبالتوبة يخرج من أن يكون منافقا والمراد بالآية شهادته في الحوادث لاما يأتي به من الشهود على صدق مقالته فالصحيح من المذهب عندنا انه إذا أقام المحدود أربعة من الشهداء على صدق مقالته بعد إقامة الحد عليه تقبل ويصير هو مقبول الشهادة وقوله تعالى لهم شهادة بمنزلة قوله شهادتهم كما يقال هذه دارك وهذه دار لك وفي التنكير ما يدل على أن المراد ما قلنا دون أربعة يشهدون له فإنه لو كان المراد ذاك لقال ولا تقبلوا لهم الشهادة فان المنكر إذا أعيد يعاد معرفا قال الله تعالى كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول ولا كلام في المسألة من طريق القياس فان مقادير الحدود لا تعرف بالقياس ولكن الكلام على طريق الاستدلال بالمنصوص فنقول ان رد الشهادة من تمام حده وأصل الحد لا يسقط بالتوبة فما هو متمم له لا يسقط
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست