دعوا والعبد لا يدخل في هذا الخطاب لان خدمته ومنفعته لمولاه فلا يجب عليه الحضور لأداء الشهادة وان دعى إلى ذلك بل لا يحل له ذلك لان منافعه في هذا الزمان غير مستثنى من حق المولى وذكر عن شريح رحمه الله أنه قبل شهادة الأخ لأخيه وقد بينا الفرق بين هذا وبين شهادة الولد لوالده واستدل في الكتاب بقوله صلى الله عليه وسلم أنت ومالك لأبيك فمطلق هذه الإضافة يدل على أن الولد كالمملوك لوالده وان مال الولد لوالده وقد دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم ان أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وان ولده من كسبه ومثل ذلك لا يوجد في الاخوة وسائر القرابات ويجوز شهادة الرجل لوالده من الرضاعة ووالدته لان الرضاع تأثيره في الحرمة خاصة وفيما وراء ذلك كل واحد منهما من صاحبه كالأجنبي (ألا ترى) أنه لا يتعلق به استحقاق الإرث واستحقاق النفقة حالة اليسار والعسرة وبه يفرق بين الاخوة والولاد فالاخوة لا يتعلق بها استحقاق النفقة عند عدم اليسار بخلاف الولادة والزوجية فإنه يتعلق بهما استحقاق حالتي اليسار والعسرة ويجوز شهادة الرجل لام امرأته ولزوج ابنته لان المصاهرة التي بينهما تأثيرها في حرمة النكاح فقط فاما ما سوى ذلك لا تأثير للمصاهرة فهي بمنزلة الرضاع أو دونه وعن إبراهيم رحمه الله قال لا تجوز شهادة المحدود في القذف وان تاب إنما توبته فيما بينه وبين الله تعالى وعن شريح رحمه الله مثله وبذلك يأخذ علماؤنا رحمهم الله وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما فإنه كأن يقول إنما يؤتيه فيما بينه وبين الله تعالى فاما نحن فلا تقبل شهادته وقال الشافعي رحمه الله تقبل شهادته بعد التوبة وهو قول عمر رضي الله عنه وقد كأن يقول لأبي بكرة تب تقبل شهادتك واستدل الشافعي رحمه الله بظاهر الآية فان الله تعالى قال إلا الذين تابوا والاستثناء متى يعقب كلمات منسوقة بعضها على البعض ينصرف إلى جميع ما تقدم الا ما قام الدليل عليه كقول القائل امرأته طالق وعبده حر وعليه حجة إلا أن يدخل الدار ثم قام الدليل من حيث الاجماع على أن الاستثناء لا ينصرف إلى الجلد فيبقى ما سواه على هذا الظاهر مع أن عندنا الاستثناء ينصرف إلى الجلد أيضا إلا أن الجلد حق المقذوف فتوبته في ذلك أن يستعفيه فلا جرم إذا استعفاه فعفى عنه سقط الجلد والمعنى فيه أن الموجب لرد الشهادة فسقه وقد ارتفع بالتوبة وإنما قلنا لان الموجب لرد شهادته اما أن يكون نفس القذف أو إقامة الحد عليه أو سمة الفسق لا جائز أن يكون الموجب لرد شهادته نفس القذف لأنه خبر متمثل بين الصدق والكذب فباعتبار الصدق لا يكون موجبا رد الشهادة ولا ترد
(١٢٥)