المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ٢٠٤
مستأمنين أو في دار الاسلام في موضع قد غلب عليه عسكر أهل البغي ثم أتى بهم إلى الامام لم يمض عليهم الحد لأنهم باشروا السبب حين لم يكونوا تحت يد الامام وفى موضع لا يجرى فيه حكمة وقد بينا ان ذلك مانع من وجوب الحد حقا لله تعالى لانعدام المستوفى فان استيفاء ذلك إلى الامام ولا يتمكن من الاستيفاء إذا كانوا في موضع لا تصل إليهم يده (قال) وإذا رفع قوم من قطاع الطريق إلى القاضي فرأى تضمينهم المال وسلمهم إلى أولياء القود فصالحوهم علي الديات ثم رفعوا بعد زمان إلى قاض اخر لم يقم عليهم الحد اما لتقادم العهد أو لانعدام الخصم وقد سقطت خصومتهم بما وصل إليهم أو لقضاء الأول فيهم بما قضى فان ذلك نافذ لحصوله في موضع الاجتهاد ومن العلماء من يقول يتقرر الضمان عليهم ووجوب القود بالقتل وإن كان متحتما وقضاء القاضي في المجتهدات نافذ (قال) وإذا قضى القاضي على قطاع الطريق بقطع الأيدي والأرجل والقتل وحبسوا لذلك فذهب رجل بغير إذن الإمام فقتل منهم رجلا لم يكن عليه شئ لان الامام أحل دمهم حين قضى عليهم بالقتل ومن قتل حلال الدم لا شئ عليه كمن قتل مرتدا أو مقضيا عليه بالرجم وكذلك لو قطع يده لأنه لما سقطت حرمة نفسه اقتضى ذلك سقوط حرمة أطرافه ضرورة ويتم بقية الحد لان ما فعله ذلك الرجل من إقامة الحد وان افتات فيه على رأى الامام ففعله في ذلك كفعل الامام لأنه رجل من المسلمين والامام بمنزلة جماعة من المسلمين في استيفاء هذا الحد وان أخطأ الامام حين قدم إليه فقطع يده اليسرى فلا شئ عليه لان دمه حلال فإنه يقتله بعد القطع فلا عصمة في طرفه ولأنه مجتهد فيما صنع وقد بينا نظيره في الحداد (قال) وإذا أقر القاطع بقطع الطريق مرة واحدة أخذ بالحد الأعلى قول أبى يوسف رحمه الله تعالى كما في السرقة وان أنكره بعد ذلك درئ عنه الحد لرجوعه عن الاقرار وأخذ بالمال والقود لان رجوعه عن الاقرار فيما هو حق العبد باطل (قال) وإذا قطع الطريق وأخذ المال ثم ترك ذلك وأقام في أهله زمانا لم يقم الامام عليه الحد استحسانا وفي القياس يقام عليه لان الحد لزمه بارتكاب سببه ولكن استحسن لتوبته وتحوله عن تلك الحالة قبل أن يقدر عليه والأصل فيه ما روى أن الحارث بن زيد قطع الطريق ثم ترك ذلك وتاب فكتب علي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه إلى؟ عامله بالبصرة أن الحارث بن زيد كان من قطاع الطريق؟ وقد ترك وتحول عنه فلا تعرض له الا بخير (قال) وإذا قطعوا
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 » »»
الفهرست