المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ٢٠٣
في قطع الطريق (قال) وإن كان في المقطوع عليهم الطريق ذو رحم محرم من القطاع أو شريك له مفاوض لم يلزمهم حكم القطع لأنه امتنع وجوب القطع على ذي الرحم المحرم للشبهة فيمتنع وجوبه على الباقين للشركة وقد بينا ذلك في السرقة فكذلك في قطع الطريق وكان الشيخ أبو بكر الرازي رحمه الله تعالى يقول تأويل المسألة إذا كان في المال المأخوذ لذي الرحم المحرم شركة للجميع وللشريك المفاوض لان مال ذي الرحم المحرم في حكم العقوبة كما له فشركته بمنزلة شركة أحد قطاع الطريق في المال المأخوذ فأما إذا أخذوا مع ذلك مالا كثيرا لا شركة فيه لذي الرحم المحرم منه يلزمهم القطاع باعتبار ذلك المال كما لو سرقوا من حرز ذي الرحم المحرم من أحدهم مالا ومن حرز أجنبي آخر مالا بخلاف ما إذا سرقوا من حرز ذي الرحم المحرم من أحدهم ماله ومال غيره لان الشبهة هناك في الحرز ولا معتبر بالحرز في قطع الطريق فكل واحد حافظ لماله محرز له والأصح أن الجواب في الكل واحد لان مال جميع القافلة في حق قطاع الطريق كشئ واحد فإنهم قصدوا أخذ ذلك كله بفعل واحد فإذا تمكنت الشبهة في بعض ذلك المال في حقهم فقد تمكنت الشبهة في جميعه بخلاف السرقة من حرز ثم من حرز لان كل واحد من الفعلين هناك منفصل عن الآخر حقيقة وحكما ووزان هذا من ذلك أن لو قطعوا الطريق على قوم فيهم ذو الرحم المحرم من أحدهم ثم قطعوا الطريق على قوم أجانب وأخذوا المال وهذا في حكم القطع دون القتل حتى لو قتلوا أحدهم يقتلون لان المحرم كالأجنبي في القتل (قال) وإذا شهد أحد الشاهدين عليهم بمعاينة قطع الطريق وشهد الآخر على اقرارهم بالقطع لم تجز الشهادة لاختلاف المشهود به لان الفعل غير القول وان قال الشاهدان قطع الطريق علينا وعلى أصحابنا هو وأصحابه وأخذوا المال منا لم يجز شهادتهما لأنهما يشهدان لأنفسهما وشهادة المرء لنفسه دعوى وكذلك أن شهدا أنه قطع الطريق على والدهما أو ولدهما لم تجز شهادتهما لأنهما يشهدان لأبيهما وهذا لان الحد وإن كان استيفاؤه إلى الامام فلا بد من خصومة صاحب المال وفيما كان الخصم أب الشاهد أو ابن الشاهد لا شهادة له ولان شهادته لأبيه كشهادته لنفسه وان شهدوا أنه قطع الطريق على رجل من عرض الناس له ولى يعرف أوليس له ولى يعرف لم يقم الامام عليهم الحد الا بمحضر من الخصم لما بينا ان السبب لا يثبت بالشهادة عنده الا إذا ترتبت على خصومة الخصم (قال) فان قطعوا الطريق في دار الحرب على تجار
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 » »»
الفهرست