المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٠١
إلى ألم المرض فيؤدى إلى الاتلاف والحد إنما يقام على وجه يكون زاجرا لا متلفا والذي روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام الحد على مريض تأويله انه وقع اليأس عن برئه واستحكم ذلك المرض على وجه يخاف منه التلف وعندنا في مثل هذا يقام عليه الحد تطهيرا وهذا إذا لم يكن الحد رجما فاما الرجم يقام على المريض لان اتلاف نفسه هناك مستحق فلا يمتنع اقامته بسبب المرض (قال) رجل ثبت عليه باقراره الزنا والسرقة وشرب الخمر والقذف وفق ء عين رجل فإنه يبدأ بالقصاص في الفق ء لأنه محض حق العباد وحق العبد مقدم في الاستيفاء لما يلحقه من الضرر بالتأخير لأنه يخاف الفوت والله تعالى يتعالى عن ذلك ثم إذا برئ من ذلك أخرجه وأقام عليه حد القذف لأنه مشوب بحق العباد فيقدم في الاستيفاء على ما هو محض حق الله تعالى وهذا لان المقصود من إقامة حد القذف دفع العار عن المقذوف فلهذا يبدأ به قبل حد الزنا والشرب وإذا برئ من ذلك فهو بالخيار ان شاء بدأ بحد الزنا وان شاء بدأ بحد السرقة لان كل واحد منهما محض حق الله تعالى وهو ثابت بنص يتلي ويجعل حد شرب الخمر آخرها لأنه أضعف من حيث أنه لا يتلي في القرآن وقد بينا ذلك وكلما أقام عليه حدا حبسه حتى يبرأ ثم أقام الآخر لأنه ان والى إقامة هذه الحدود ربما يؤدي إلى الاتلاف وقد بينا أنه مأمور بإقامة الحد علي وجه يكون زاجرا لا متلفا ولكنه يحبس لأنه لو خلى سبيله ربما يهرب فلا يتمكن من إقامة الحد الآخر عليه ويصير مضيعا للحد والامام منهى عن تضييع الحد بعد ظهوره عنده وإن كان محصنا اقتص منه في العين وضربه حد القذف لما فيهما من حق العباد ثم رجمه لان حد السرقة والشرب محض حق الله تعالى ومتى اجتمعت الحدود لحق الله تعالى وفيها نفس قتل وترك ما سوى ذلك هكذا نقل عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم والمعنى فيه أن في الحدود الواجبة لله تعالى المقصود هو الزجر وأتم ما يكون من الزجر باستيفاء النفس والاستيفاء بما دونه اشتغال بما لا يفيد فلهذا رجمه ودرأ عنه ما سوى ذلك إلا أنه يضمنه السرقة لأن الضمان قد وجب عليه بالأخذ وإنما يسقط لضرورة استيفاء القطع حقا لله ولم يوجد ذلك فلهذا يضمنه السرقة ويأمر بايفائها من تركته (قال) ولا يقام حد في المسجد ولا قود ولا تعزير لما فيه من وهم تلويث المسجد ولان المجلود قد يرفع صوته وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رفع الصوت في المسجد بقوله صلى الله عليه وسلم جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم ورفع
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست