له والجهالة لا تمنع صحة العتق فكان المولى مجبرا على البيان ولو شهدا أنه أعتق أحد عبديه بغير عينه والمولى يجحد ذلك فشهادتهما باطلة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لان الدعوى شرط لقبول البينة على العتق عنده والدعوى من المجهول لا تتحقق إنما تتحقق الدعوى من كل واحد منهما بعينه والمشهود به عتق في منكر لا في معين فلا تقبل وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى في هذه المسألة وفى مسألة الشهادة تقبل ويؤمر المولى بالبيان لان الشهادة على العتق عندهما تقبل من غير دعوى فيثبت به أن المولى أعتق أحدهما بعير عينه فيؤمر بالبيان لهذا وكذلك لو شهدا بأنه أعتق احدى أمتيه (فان قيل) في هذا الفصل ينبغي أن تقبل الشهادة عندهم جميعا لان أبا حنيفة رحمه الله تعالى لا يشترط الدعوى في الشهادة على عتق الأمة (قلنا نعم إنما لا يشترط الدعوى في الشهادة على عتق أمة بعينها لما فيها من تحريم الفرج فأما العتق المبهم لا يوجب تحريم الفرج عنده ولهذا قال لا يكون الوطئ بيانا فلهذا كان الجواب في العبد والأمة سواء هنا الا ان شهدا أن هذا كان عند الموت منه فحينئذ تقبل شهادتهما عنده استحسانا وفى القياس لا تقبل لانعدام شرط القبول وهو الدعوى كما لو كان ذلك في حال حياته وصحته والاستحسان وجهان.
أحدهما أن العتق المبهم يشيع فيهما بالموت حتى يعتق من كل واحد منهما نصفه فتتحقق الدعوى من كل واحد منهما والثاني أن العتق في مرض الموت بمنزلة الوصية حتى يعتبر من الثلث ووجوب تنفيذ الوصية لحق الموصى فتتحقق الدعوى من وصيه أو وارثه هنا فلهذا قبلت البينة ولو شهدا أن أحد هذين الرجلين أعتق عبده لم تجز شهادتهما لان المشهود عليه مجهول وذلك يمنع قبول الشهادة فان الانكار شرط لقبول البينة والانكار من المجهول لا يتحقق ولان القاضي لا يتمكن من القضاء على واحد منهما بهذه الشهادة وان أدعي العبد أو الأمة العتق ولم يكن له بينة حاضرة لم يحل بين المولى وبين العبد لان بمجرد الدعوى لا يثبت استحقاق العبد العتق فإنه خبر متمثل بين الصدق وبين الكذب والمخبر غير موثوق فيه لما له في ذلك من الحظ والى هذا أشار عليه الصلاة والسلام في قوله لو أعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء قوم وأموالهم واليد حق للمولى في مملوكه فكما لا يحوز ابطال الملك بمجرد الدعوى فكذلك لا يجوز ابطال اليد بالحيلولة وكذلك أن أقام شاهدا واحدا لان الحجة لا تتم بشهادة الواحد وهذا الجواب في العبد فاما في الأمة الحيلولة تثبت إذا ادعت ان شاهدها الآخر