المبسوط - السرخسي - ج ٧ - الصفحة ٦٩
الكلمة بدون هذه الواسطة فان قال لامته فرجك حر أو قال لعبده رأسك حر يعتق وقد بينا هذا في الطلاق ان ذكر ما يعبر به عن جميع البدن كذكر البدن بخلاف اليد أو الرجل فهو في العتاق كذلك وان قال نويت الكذب لم يصدق في القضاء كما في قوله أنت حر وان قال لعبده أو لامته ما أنت الا حر أو ما أنت الا حرة فإنهما يعتقان لان كلامه اشتمل على النفي والاثبات وهذا آكد ما يكون من الاثبات دليله كلمة الشهادة فكان هذا كقوله أنت حر وهذا بخلاف ما لو قال أنت مثل الحر لان هذا اللفظ للمشابهة والمشابهة بين الشيئين قد يكون خاصا وقد يكون عاما فلا يثبت العتق به بدون النية وكذلك لو قال بدنك حر لان معناه بدنك بدن حر وفى النوادر قال لو نوى فقال بدنك بدون حر يعتق لان هذا اللفظ للإيجاب لا للتشبيه ولو قال لعبده أنت حر اليوم من هذا العمل فإنه يعتق في القضاء لأنه وصفه بالحرية وتخصيصه وقتا أو عملا لا يغير حكم ما وصفه به وأما فيما بينه وبين لله تعالى فإن كأن لا يريد العتق فهو عبده لأنه يحتمل أن يكون مراده لا أكلفك اليوم هذا العمل والله تعالى مطلع على ضميره ولكنه خلاف الظاهر فإنه جعل الحرية صفة له في الظاهر فلهذا لا يدين في القضاء والله أعلم بالصدق والصواب (باب عتق ذوي الأرحام) ذكر عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ملك ذا رحم محرم منه فهو حر وكذلك روى عن عمر وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما وفي هذا دليل على من ملك قريبه يعتق عليه لان قوله فهو حر جزاء لقوله من ملك مع القرابة فإنما يتناول حرية المملوك دون الملاك وفى بعض الروايات قال عتق عليه وفيه دليل ان سبب العتق الملك مع القرابة فان مثل هذا في لسان صاحب الشرع بمعنى بيان السبب كما قال من بدل دينه فاقتلوه وقال تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه ولهذا قال عامة العلماء إذا ملك أباه أو أمه أو ابنه يعتق عليه وقال أصحاب الظواهر يلزمه ان يعتقه ولكن لا يعتق قبل اعتاقه لظاهر قوله عليه الصلاة والسلام لن يجزى ولد عن والده إلا أن يجده ملوكا فيشتريه فيعتقه ففيه تنصيص على أنه مستحق عليه اعتاقه ولو عتق بنفس الشراء لم يكن لقوله فيعتقه معنى ولان القرابة لا تمنع ثبوت الملك ابتداء فلا تمنع البقاء بطريق الأولى ألا ترى
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»
الفهرست