المبسوط - السرخسي - ج ٧ - الصفحة ٩٩
حاضر احتياطا لامر الفرج وقد بينا هذا فيما أمليناه من شرح الجامع وان أقام شاهدين حيل بينه وبين مولاه حتى ينظر في أمر الشاهدين وهذا إذا كان مولاه فاسقا أو مخوفا عليه على ما فسرناه في الجامع والمعنى فيه أن الحجة هنا تمت من حيث الظاهر حتى لو قضى القاضي بشهادتهما قبل أن تظهر عدالتهما نفذ قضاؤه فتثبت به الحيلولة احتياطا بخلاف ما إذا أقام شاهدا واحدا فإذا شهد شاهد أنه أعتق عبدا له وشهد آخر انه وهبه لنفسه فهذا باطل لأنهما اختلفا في المشهود به لفظا فان الهبة غير العتق وضعا لان الهبة تمليك والاعتاق احداث القوة أو ابطال الملك واختلافهما في المشهود به لفظا يمنع قبول الشهادة وان شهدا جميعا انه وهب عبده لنفسه فالعبد حر لأنه ملكه نفسه ومن ملك نفسه يعتق كالمراغم وقد يجوز أن تكون الهبة اعتاقا كما لو شهدوا انه وهبه من قريبه وسلمه إليه فإنه يقضى بعتقه وقد بينا فيما سبق أنه إذا قال لم أنو به العتق لا يصدق في القضاء وإذا قال له أنت حران فعلت كذا وذلك من الأمور الظاهرة كالصوم والصلاة ودخول الدار ونحوه فقال العبد قد فعلت لا يصدق إلا أن يقيم البينة أو يقر المولى لان العتق المعلق بالشرط إنما يتنجز عند وجود الشرط فالعبد بدعواه وجود الشرط يدعى تنجيز العتق فيه وهو غير مصدق في ذلك الا بحجة بخلاف قوله أنت كنت تحبني أو تبغضني لان ذلك لا يوقف عليه الا من جهته فوجب قبول قوله في ذلك ما دام في مجلسه (فان قيل) فالصوم كذلك لأنه بينه وبين ربه لا يقف عليه غير (قلنا) لا كذلك فان ركن الصوم هو الكف وذلك أمر ظاهر يقف عليه الناس بوقوفهم علي ضده وهو الأكل ولو قال لرجل أعتق أي عبيدي شئت فأعتقهم جميعا لم يعتق منهم الا واحد والامر في بيانه إلى المولى بخلاف ما لو قال أيكم شاء العتق فهو حر فشاؤوا جميعا عتقوا لان كلمة أي فيها معنى العموم والخصوص من حيث إنها تتناول كل واحد من المخاطبين على الانفراد فإذا أضاف المشيئة بها إلى خاص ترجح جانب الخصوص فلا يتناول الا واحدا منهم وإذا أضاف المشيئة بها إلى عام يترجح جانب العموم ولأن هذه الكلمة إنما توجب التعميم فيمن دخل تحتها دون من لم يدخل والداخل تحت هذه الكلمة العبيد دون المخاطب بالمشيئة وإذا قال شئت فلا يكون شرط العتق الا مشيئة واحدة وبالمشيئة الواحدة منه لا يعتق الا عبد واحد فاما في قوله شاء إنما أضاف المشيئة إلى العبيد وكلمة أي اقتضت التعميم في العبيد فصارت مشيئة كل واحد منهم شرطا لعتقه فلهذا عتقوا
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»
الفهرست