قد يحتاج إلى ذلك عادة فان مجاهره إذا شرب الماء من سقاء على باب حانوته لا يجد بدا من اعطاء فلس لأجله وما دون الدرهم قليل يتوسع فيه الناس فلهذا يملكه استحسانا والله سبحان وتعالى أعلم بالصواب واليه المرجع والمآب (باب مكاتبة المكاتب) (قال) رضي الله عنه وقد بينا أن للمكاتب أن يكاتب استحسانا فان أدى الثاني قبل الأول كان ولاؤه لمولى الأول لان الأول صار معتقا فيخلفه مولاه لان الاعتاق يعقب الولاء وهو ليس بأهل للولاء لأنه رقيق بعد فيخلفه فيه أقرب الناس إليه وهو مولاه كالعبد المأذون إذا اشترى شيئا يملكه مولاه بهذا الطريق وهو أن الشراء موجب للملك فإذا لم يكن المشتري من أهل الملك خلفه في الملك أقرب الناس إليه وهو المولى فان عتق الأول بعد ذلك لم يرجع إليه كما لا يرجع الملك في كسب العبد إليه بعد ما يعتقه مولاه وان سبق الأول بالأداء ثم أدى الثاني فولاؤه للأول لان الولاء يعقب العتق وإنما عتق الثاني بعد ما تم الملك للأول في رقبته وهو من أهل الولاء لحريته فان قتل المولى مكاتب مكاتبه وقيمته ألف ومكاتبه خمسمائة وقد بقي على الأول من مكاتبته مائة فعلى المولى قيمته ألف درهم في ثلاث سنين يقتص من ذلك المائة التي بقيت من مكاتبة الأول إذا كانت قد حلت وحل ما على المولى من القيمة فيعتق المكاتب الأول وقد صار مستوفيا من الثاني لأنه من مكاتبته ثم يعطيه المولى أربعمائة تمام مكاتبة الثاني والخمسمائة الباقية ميراث للمولى فإن لم يكن للثاني وارث فهو لأقرب الناس من المولى من العصبة لان عتقه يستند إلى حال حياته والأول في ذلك الوقت كان مكاتبا فيكون ولاء الثاني للمولى الا ان المولى قاتل ولا ميراث للقاتل فكان ذلك لا قرب عصبة له وان كانت مكاتبته ألفا ولم يحل على المكاتب الأول شئ من نجومه فان المولى يؤدى جميع القيمة إلى المكاتب الأول في ثلاث سنين لان الثاني مات عن وفاء فان في قيمته وفاء بمكاتبته فيستوفى الأول مكاتبته من قيمته ويحكم بحريته ولو لم يقتله المولى ولكن قتله المكاتب الأول وقيمة القاتل أكثر فعليه قيمة المقتول يستوفى من ذلك كتابته وان فضل من قيمته شئ أداه إلى المولى لان ولاءه للمولى حين عتق قبل الأول فيكون
(٢٢٨)