المبسوط - السرخسي - ج ٧ - الصفحة ١٠٣
يتجزى حتى أن من أعتق نصف عبده فهو بالخيار في النصف الباقي ان شاء أعتقه وان شاء استسعاه في النصف الباقي في نصف قيمته وما لم يؤد السعاية فهو كالمكاتب وعند أبي يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله تعالى يعتق كله ولا سعاية عليه لقوله عليه الصلاة والسلام من أعتق شقصا من عبده فهو حر كله ليس لله فيه شريك وفى الكتاب ذكر هذا اللفظ عن عمر أيضا رضي الله عنه والمعنى فيه أن العتق اسقاط للرق والرق لا يتجزى ابتداء وبقاء فاسقاطه بالعتق لا يتجزى أيضا كما أن الحل لما كأن لا يتجزى ابتداء وبقاء فابطاله بالطلاق لا يتجزى وبيانه ان فعله اعتاق فلا يتحقق الا بانفعال العتق في المحل وبعد انفعال العتق في بعض الشخص لو بقي الرق في شئ منه كان في ذلك تجزى الرق في محل واحد وذلك لا يجوز فان الذي ينبنى على العتق من الاحكام يضاد أحكام الرق من تكميل الحدود والأهلية للشهادات والإرث والولايات ولا يتصور اجتماع الضدين في محل واحد ولان اتصال أحد النصفين بالآخر أقوى من اتصال الجنين بالأم لان ذلك بعرض الفصل ثم اعتاق الأم يوجب عتق الجنين لا محالة فاعتاق أحد النصفين لان يوجب عتق النصف الآخر أولى ولان الاستيلاد يوجب حق العتق وهو لا يحتمل الوصف بالتجزئ في محل واحد فحقيقة العتق أولى واستدل أبو حنيفة رحمه الله تعالى بحديث سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أعتق شقصا له في عبد فإن كان موسرا فعليه خلاصه والا فقد عتق ما عتق ورق ما رق وقال علي رضي الله عنه يعتق الرجل من عبده ما شاء وتأويل قوله صلى الله عليه وسلم فهو حر كله سيصير حرا كله باخراج الباقي إلى الحرية بالسعاية فيكون فيه بيانا أنه لا يستدام الرق فيما بقي منه وهو مذهبنا ولان هذا إزالة ملك اليمين فيتجزأ في المحل كالبيع وتأثيره أن نفوذ تصرف المالك باعتبار ملكه وهو مالك للمالية دون الرق فالرق اسم لضعف ثابت في أهل الحرب مجازاة وعقوبة على كفرهم وهو لا يحتمل التملك كالحياة إلا أن بقاء ملكه لا يكون الا ببقاء صفة الرق في المحل كما لا يكون حيا إلا باعتبار صفة الحياة في المحل فذلك لا يدل على أن الحياة مملوكة له فإذا ثبت أنه يملك المالية وملك المالية يحتمل التجزء فإنما يزول بقدر ما يزيله ولهذا لا يعتق شئ منه باعتاق البعض عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى حتى كان معتق البعض كالمكاتب الا في حكم واحد وهو أن المكاتب إذا عجز يرد في الرق لان السبب هناك عقد محتمل للفسخ وهذا إذا عجز عن السعاية لا يرد في الرق لان
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست