(فان قيل) فإذا كانت هي أخته من الرضاعة قبلت الشهادة على عتقها مع جحودها وليس فيه تحريم الفرج هنا (قلنا) بل فيه معنى الزنا لان فعل المولى بها قبل العتق لا يلزمه الحد وبعد العتق يلزمه الحد وبضعها مملوك للمولى وإن كان هو ممنوعا عن وطئها للمحرمية ألا ترى أنه يزوجها وان بدل بضعها يكون له فيزول ذلك الملك باعتاقها ولان الأمة في انكار العتق متهمة لما لها من الحظ في الصحبة مع مولاها ولا معتبر لانكار من هو متهم في انكاره فجعلناها كالمدعية لهذا فأما الشهادة على عتق العبد لا تقبل مع جحود العبد في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وتقبل في قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى وجه قولهما أن المشهود به حق الشرع وعدم الدعوى لا يمنع قبول الشهادة عليه كعتق الأمة وطلاق الزوجة وبيان ذلك أن المشهود به العتق وهو حق الشرع ألا ترى أنه لا يحتاج فيه إلى قبول العبد ولا يرتد برده وانه مما يجوز أن يحلف به وإنما يحلف بما هو حق الشرع وان ايجابه في المجهول صحيح ولا يصح ايجاب الحق للمجهول ويتعلق به حرمة استرقاقه وذلك حق الشرع قال النبي عليه الصلاة والسلام ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة وذكر في جملتهم من استرق الحر ويتعلق به حكم تكميل الحدود ووجوب الجمعة والأهلية للولايات ثم الاسترقاق على أهل الحرب عقوبة بطريق المجازاة لهم حين أنكروا وحدانية الله فجازاهم على ذلك بان جعلهم عبيد عبيده فازالته بعد الاسلام يكون حقا للشرع ولهذا كانت قربة تتأدى بعض الواجبات بها والدليل عليه ان التناقض في الدعوى لا يمنع قبول البينة حتى لو أقر بالرق ثم ادعي حرية الأصل وأقام البينة قبلت بينته والتناقض يعدم الدعوى وحجة أبي حنيفة رحمه الله قول عليه الصلاة والسلام ثم يفشوا لكذب حتى يشهد الرجل قبل أن يستشهد فقد جعل أداء الشهادة قبل الاستشهاد من امارات الكذب فظاهره يقتضي أن لا يكون مقبولا منه الا حيث خص بدليل الاجماع والمعنى فيه أن إزالة ملك اليمين بالقول ولا يتضمن معنى تحريم الفرج فلا تقبل الشهادة فيه الا بالدعوى كالبيع وتأثيره ان المشهود به حق العبد لان الاعتاق احداث قوة المالكية والاستبداد فيتضمن انتفاء ذل المالكية والرق وذلك كله حق العبد فأما ما وراء ذلك من ثمرات العتق فلا يعتبر ذلك وإنما يعتبر المشهودية فإذا كان حقا للعبد يتوقف قبول البينة على دعواه ونحن نسلم أن في السبب معني حق الشرع ولهذا لا يتوقف على قبوله ولا يرتد برده ولكن هذا لا يدل على قبول البينة
(٩٣)