من أن تكون سرية لأنها تصير أم ولد له فطلبه يخرجه حقيقة من أن تكون سرية فلا يمكن أن يجعل شرطا لتحقيق التسري ولو وطئ جارية فعلقت منه لم تعتق لان التسري بالتحصين والمنع من الخروج ولم يوجد وان قال لعبديه أيكما أكل هذا الرغيف فهو حر فأكلاه جميعا لم يعتق واحد منهما لان الشرط أكل الواحد لجميع الرغيف ولم يوجد وان أقام أحدهما البينة أنه أكله فأعتقه القاضي ثم أقام الآخر البينة أنه هو الذي أكله لم يعتقه القاضي لأنه جعل الأول آكلا فلا يتصور بعده كون الثاني آكلا له إذا الرغيف الواحد لا يتكرر فيه فعل الأكل وهذه البينة إنما تقوم لابطال القضاء الأول والبينة لابطال القضاء لا تقبل توضيحه إنا نتيقن بكذب أحد الفريقين وقد ترجح معنى الصدق في شهادة الفريق الأول بالقضاء فتعين معنى الكذب في شهادة الفريق الثاني وان جاءت البينتان معا لم يعتق واحد منهما لان القاضي يتيقن بكذب أحد الفريقين ولا يعرف الصادق من الكاذب وإذا كانت تهمة الكذب تمنع القضاء بالشهادة فالتيقن بالكذب أولى وعلى هذا لو شهد شاهدان أنه أعتق عبده سالما يوم النحر بمكة فأعتقه القاضي ثم شهد آخران أنه أعتق سريعا يوم النحر بالكوفة لم تجز شهادتهما وان جاءت البينتان معا لم تقبل واحدة منهما وهذا والأول سواء وان ردهما ثم ماتت احدى البينتين فأعاد الآخر بينته تلك لم يقبل القاضي شهادتهم لأنه قد ردها للتهمة فلا يقبلها أبدا كما لو رد شهادة الفاسق ثم تاب فأعادها وإن لم تمت واحدة من البينتين حتى جاء أحد الغلامين بشاهدين آخرين يشهدان على ما شهدت به البينة الأولى وجاء الآخر بشهوده الذين كانوا شهدوا فان القاضي يجيز شهادة الآخرين اللذين لم يكونا شهدا عنده لان شهادة الفريقين الأولين قد بطلت للتعارض وصارت كالمعدومة وإنما بقي شهادة الفريق الثاني لأحدهما ولا معارض له فثبت المشهود به بشهادتهما ولا يعتبر بما اعاده العبد الثاني لان تلك شهادة حكم ببطلانها وكما لا تقوم حجة القضاء بمثل هذه الشهادة فكذلك المعارضة لا تثبت بها والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب واليه المرجع المآب (باب عتق العبد بين الشركاء) أكثر مسائل هذا الباب تنبنى على أصل أبي حنيفة رحمه الله تعالى فان العتق عنده
(١٠٢)