مطلقا وإن كان عارضا يتوهم زواله بان كان مريضا أو مسجونا فإذا أدى بالنائب كان ذلك مراعى فان دام به العذر إلى أن مات تحقق اليأس عن الأداء بالبدن فوقع المؤدى موقع الجواز وان برأ من مرضه تبين انه لم يقع فيه اليأس عن الأداء بالبدن فكان عليه حجة لاسلام والمؤدي تطوع له والمال جعل خلفا عن القدرة على الأداء بالبدن في جواز الأداء به بعد تقرر الوجوب فأما في ثبوت حكم الوجوب بسببه ففيه اختلاف العلماء فالمذهب عندنا ان المعضوب والمقعد والزمن لا يجب عليه الحج باعتبار ملك المال وعلى قول الشافعي رحمه الله تعالى يجب وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى وحجته في ذلك حديث الخثعمية حيث قالت إن فريضة الله الحج أدركت أبى شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستمسك على الراحلة فقولها شيخا كبيرا نصب على الحال يعنى لزمه الحج في هذه الحالة ولم ينكر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فدل أن الحج يجب على المعضوب والمقعد والزمن والمعني فيه أن شرط الوجوب التمكن من أداء الواجب بالمال فإذا جاز أداء الواجب بالمال عند العجز عن الأداء بالبدن عرفنا أن شرط الوجوب يتم به وإذا جاز بقاء الواجب بعد وقوع اليأس عن الأداء بالبدن يؤدى بالمال فكذلك يثبت الوجوب بالبدن ابتداء بهذه الصفة كالصوم في حق الشيخ الفاني يجب باعتبار بدله وهو الفدية وحجتنا في ذلك قوله تعالى من استطاع إليه سبيلا فإنما أوجب الله تعالى الحج على من يستطيع الوصول إلى بيت الله تعالى والزمن لا يستطيع الوصول إلى بيت الله تعالى فلا يتناوله هذا الخطاب ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الشرط مالا يوصله إلى البيت بقوله من وجد زادا وراحلة يبلغانه بيت الله تعالى وزاد المعضوب وراحلته لا يبلغانه بيت الله تعالى فصار وجوده كعدمه ولان المقصود بهذه العبادة تعظيم البقعة بالزيارة والمال شرط ليتوسل به إلى هذا المقصود وما هو المقصود فائت في حق المعضوب ولا يعتبر وجود الشرط لان الشرط تبع والتبع لا يقوم مقام الأصل في اثبات الحكم به ابتداء وإن كان يبقى الحكم بعد ثبوته باعتباره واعتبار الابتداء بالبقاء فاسد فإنه إذا افتقر بهلاك ماله بعد ما وجب الحج عليه يبقى واجبا ثم لا يجب ابتداء على الفقير وليس هذا نظير الفدية في حق الشيخ الفاني لأنه بدل عن أصل الصوم بالنص فيجوز أن يجب الأصل باعتبار البدل وهناك المال ليس يبدل عن أصل الحج ألا ترى أنه لا يتأدى بالمال وإنما يتأدى
(١٥٣)