المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١٥٢
لا يتميز الفرض من النفل الا بالتعيين وقوله يتأدى بمطلق النية قلنا عندنا لا يتأدى الا بالتعيين غير أن التعيين يثبت بالنص تارة وبالدلالة أخرى وفي الحج التعيين حاصل بدلالة العرف فالظاهر أن الانسان لا يتحمل المشقة العظيمة ثم يشتغل بأداء النفل مع بقاء الفرض عليه والتعيين بالعرف كالتعيين بالنص كمن اشترى بدراهم مطلقة ينصرف إلى نقد البلد بدلالة العرف وإنما يعتبر العرف إذا لم يوجد التصريح بخلافه فإذا صرح بنية النفل سقط اعتبار العرف فكان حجه عما نوى وما قال باطل على أصله في الصوم فإنه لا يلغى اعتبار نية النفل بل يجعله معتبرا في الاعراض عن الفرض والمغمى عليه آذن لأصحابه بطريق الدلالة في الاحرام عنه فينزل ذلك منزلة الاذن افصاحا فإنما يتأدى له الحج بالنية وان أراد أن يعين رجلا بماله للحج عن نفسه فالصرورة أولى بذلك ممن قد حج لان الصرورة بماله يتوسل إلى أداء الفرض ومن قد حج مرة يتوسل إلى أداء النفل وكما أن درجة أداء الفرض أعلى كانت الإعانة عليه بالمال أولى (قال) والحج التطوع جائز عن الصحيح يريد به أن الصحيح البدن إذا أحج رجلا بماله على سبيل التطوع عنه فهو جائز لان هذا انفاق المال في طريق الحج ولو فعله بنفسه كان طاعة عظيمة فكذلك إذا صرفه إلى غيره ليفعله عنه يكون جائزا وكونه صحيحا لا يمنعه عن أداء التطوع بهذا الطريق وإن كان يمنعه عن أداء الفرض لان في التطوع الامر موسع عليه ألا ترى ان في الصلاة يجوز التطوع قاعدا مع القدرة على القيام وان كأن لا يجوز ذلك في الفرض فكذا هنا في حجة الاسلام والحاصل ان العبادات المالية المقصود منها صرف المال إلى سد خلة المحتاج وذلك يحصل نيابة فيجوز الإنابة فيها في حالة الاختيار والضرورة والعبادات البدنية المحضة المقصود منها اما التعظيم بالجوارح كالصلاة وإما إتعاب النفس الامارة بالسوء ابتغاء مرضات الله تعالى وذلك لا يحصل بالنائب أصلا ولا تجرى النيابة في أدائها والحج فيه المعنيان جميعا معنى التعظيم للبقعة وذلك بالنائب يحصل ومعنى تحمل المشقة للتوسل إلى أدائها وذلك بالنائب الا يحصل فلا تجزئ النيابة فيها عند القدرة على الأداء بنفسه لانعدام أحد المعنيين في الأداء بالنائب وتجزى النيابة فيها عند تحقق العجز عن الأداء بالبدن لحصول أحد المعنيين بالنائب وفى العبادات البدنية المعتبر الوسع ولا يعتبر العجز للحال لان الحج فرض العمر فيعتبر فيه عجز مستغرق لبقية العمر ليقع به اليأس عن الأداء بالبدن فقلنا إن كان عجزه بمعنى لا يزول أصلا كالزمانة يجوز لأداء بالنائب
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست