المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ٧٤
فان حلق أحدهما أو نتف أو طلى بنورة فعليه الدم أيضا لان كل واحد منهما مقصود بالحلق لمعنى الراحة وفيما ذكر إشارة إلى أن السنة في الإبطين النتف دون الحلق فإنه قال نتف إبطيه أو أحدهما ولم يذكر الحلق فان حلق موضع المحاجم فعليه دم في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفى قولهما عليه صدقة لان ذلك الموضع غير مقصود بالحلق وإنما يحلق للتمكن من الحجامة فهو بمنزلة حلق شعر الصدر والساق وصح في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم وما كان يرتكب في احرامه الجناية المتكاملة وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول إنه حلق مقصود لأنه لا يتوصل إلى المقصود الا به وما لا يتوصل إلى المقصود إلا به يكون مقصودا فتتكامل الجناية ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم حلق موضع المحاجم إنما نقل عنه الحجامة وليس من ضرورته الحلق فان الحجام إذا كان حاذقا يشرط طولا فلا يحتاج إلى الحلق وكذلك إذا لم يكن المحجوم أشعر البدن ولم ينقل في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أشعر البدن والدليل عليه أنه كان يتحرز عن الجناية الموجبة للصدقة كما كان يتحرز عن الجناية الموجبة للدم وعندهما هذه الجناية موجبة للصدقة (قال) فان حلق الرقبة كلها فعليه دم لأنه حلق مقصود للراحة والزينة فان العلوية يفعلون ذلك ولم يذكر في الكتاب ما إذا حلق شاربه إنما ذكر إذا أخذ من شاربه فعليه الصدقة فمن أصحابنا من يقول إذا حلق شاربه يلزمه الدم لأنه مقصود بالحلق يفعله الصوفية وغيرهم والأصح أنه أنه لا يلزمه الدم لأنه طرف من أطراف اللحية وهو مع اللحية كعضو واحد وان كانت السنة قص الشارب واعفاء اللحى وإذا كان الكل عضوا واحدا لا يجب بما دون الربع منه الدم والشارب دون الربع من اللحية فتكفيه الصدقة في حلقه (قال) وعلى القارن في ذلك كله كفارتان لأنه محرم باحرامين ففعله جناية على كل واحد منهما فيلزمه جزاءان عندنا على ما نبينه في باب جزاء الصيد إن شاء الله تعالى (قال) وان أصاب المحرم أذى في رأسه فحلق قبل يوم النحر فعليه أي الكفارات الثلاث شاء والأصل فيه حديث كعب ابن عجرة رضي الله عنه قال مربى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتهافت على وجهي وأنا أوقد تحت قدر لي فقال أتؤذيك هو أم رأسك فقلت نعم فأنزل الله عز وجل قوله ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فقلت ما الصيام يا رسول الله فقال ثلاثة أيام فقلت وما الصدقة قال ثلاثة آصع من حنطة على ستة مساكين فقلت وما النسك قال شاة وفي الآية دليل
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست