المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ٧٥
على أنه يتخير بين هذه الأشياء الثلاثة لأنها ذكرت بحرف أو وذلك يوجب التخيير كما في كفارة اليمين ولو لم يرد النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتقدير الصوم بثلاثة أيام لكنا نقدره بستة أيام لأنه لما تقدر الطعام بطعام ستة مساكين وصوم يوم بمنزلة طعام مسكين فينبغي أن يلزمه صوم ستة أيام ولكن ثبت ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الصوم ثلاثة أيام فسقط اعتبار كل قياس بمقابلته وكذلك الجواب في كل ما اضطر إليه مما لو فعله غير مضطر لزمه الدم فإذا فعله المضطر فعليه أي الكفارات الثلاث شاء لأنه في معنى المنصوص عليه من كل وجه فيكون ملحقا به فان اختار الصيام يصوم في أي موضع شاء من الحرم أو غير الحرم لأن الصوم عبادة في كل مكان وان اختار الطعام يجزئه ذلك أيضا في الحرم أو غير الحرم عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا يجزئه ذلك الا في الحرم لان المقصود به رفق فقراء الحرم ووصول المنفعة إليهم ولكنا نقول التصدق بالطعام قربة في أي مكان كان فهو بمنزلة الصيام وان اختار النسك كان مختصا بالحرم بالاتفاق لان إراقة الدم لا تكون قربة الا في وقت مخصوص وهو أيام النحر أو مكان مخصوص وهو الحرم وهذا الدم غير مؤقت بالزمان فيكون مختصا بالمكان وهو الحرم ليتحقق معنى القربة فيه فيكون كفارة لفعله قال الله تعالى ان الحسنات يذهبن السيئات ولان الله تعالى قال في جزاء الصيد هديا بالغ الكعبة وذلك واجب بطريق الكفارة فصار أصلا في كل هدى وجب بطريق الكفارة في اختصاصه بالحرم ولأنه بعد ذكر الهدايا قال ثم محلها إلى البيت العتيق والمراد به الحرم ومعلوم أنه ليس المراد من الاختصاص بالحرم عين إراقة الدم لان فيه تلويث الحرم إنما المقصود التصدق باللحم بعد الذبح فعليه أن يتصدق بلحمه وكذلك كل دم وجب عليه بطريق الكفارة في شئ من أمر الحج أو العمرة فإنه لا يجزئه ذبحه الا في الحرم وعليه التصدق بلحمه بعد الذبح على فقراء الحرم وان تصدق على غيرهم من الفقراء أجزأه عندنا لان الصدقة على كل فقير قربة (قال) وان سرق المذبوح لم يكن عليه شئ لان بالذبح قد بلغ محله ووجوب التصدق كان متعلقا بالعين فيسقط بهلاك العين كما إذا هلك مال الزكاة سقطت عنه الزكاة (قال) وان سرق قبل الذبح فعليه بدله لأنه ما بلغ محله بعد وهو نظير الأضحية الواجبة إذا سرقت قبل الذبح فعلى صاحبها مثلها ولا خلاف أن دماء الكفارات لا يختص بيوم النحر وان دم المتعة والقران مختص بيوم النحر لأنه نسك يباح التناول منه كالأضحية وهو من أسباب التحلل في أوانه كالحلق فاما
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست