المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ٧١
يتوقت من حيث الزمان دون المكان حتى إذا أخره عن أيام النحر يلزمه الدم وإذا خرج من الحرم ثم حلق لا يلزمه شئ وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول ما كان للتحلل في الحج يتوقت بالزمان والمكان جميعا كالطواف الذي يتم به التحلل لا يكون الا في المسجد ويتوقت بأيام النحر فكما أنه لو أخر الطواف عن وقته يلزمه دم عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى فكذلك إذا أخر الحلق عن وقته وعلى هذا كان ينبغي أن لا يعتد بحلقه خارج الحرم كما لا يعتد بطوافه ولكن جعلناه معتدا به لان محل فعله الرأس دون الحرم فيحصل به التحلل ولكنه جان بتأخيره عن مكانه فيلزمه دم بالتأخير عن المكان كما يلزمه بتأخيره عن وقته وهذا لان الحلق لا يعقل فيه معنى القربة وإنما عرفناه قربه بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ما حلق للحج الا في الحرم يوم النحر فما وجد بهذه الصفة يكون قربة وما خالف هذا لا يتحقق فيه معنى القربة فيلزمه الجبر فيه بالدم وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى الحلق الذي هو نسك في أوانه بمنزلة الحلق الذي هو جناية قبل أوانه فكما أن ذلك لا يختص بزمان ولا مكان فكذلك هذا لا يختص بزمان ولا مكان لأنه لو اختص بزمان ومكان لم يكن معتدا به في غير ذلك المكان ولا في غير ذلك الزمان كالوقوف بعرفة فسواء أخره عن أيام النحر أو خرج من الحرم فحلق لا يلزمه شئ ومحمد رحمه الله تعالى يقول تعلق المناسك بالمكان آكد من تعلقها بالزمان الا ترى ان الطواف المختص بمكان لا يعتد به في غير ذلك المكان والمؤقت من الطواف بزمان يكون معتدا به في غير ذلك الزمان فعرفنا ان تعلقه بالمكان أشد فالحلق الذي هو مختص بالحرم بفعل النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى به خارج الحرم يتمكن فيه النقصان فيلزمه الجبر بالدم وبتأخيره عن أيام النحر لا يتمكن فيه كثير نقصان فلا يلزمه الجبر بالدم فأما في العمرة فلا يتوقت الحلق بزمان حتى لو أخر الحلق فيه شهرا لا يلزمه شئ لان أصل العمرة لا يتوقت بالزمان وما هو الركن وهو الطواف فيه أيضا لا يتوقت من حيث الزمان فكذلك الحلق فيه لا يتوقت بخلاف الحج ولكنه يتوقت بالحرم حتى لو حلق للعمرة خارج الحرم فعليه دم عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى كما في الحج وعند أبي يوسف رحمه الله لا شئ ء عليه (قال) وليس على المحصر حلق إذا حل وان حلق أو قصر فحسن وهذا قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى أرى عليه الحلق وإن لم يفعل فلا شئ عليه واحتج أبو يوسف رحمه الله تعالى بالحديث فان النبي صلى الله عليه وسلم
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست