لان هذا لم يكمل فيه شعبان بدليل تكذيبهما. قوله: (على المشهور في الكل) خلافا لابن الماجشون في الأول ولأشهب في الثاني ولابن مسلمة في الثالث قوله: (أي فلا يجب على من سمع العدل) أي سمعه يخبر بأنه رأى الهلال. قوله: (أي ويعم) ثبوته البلاد والأقطار. قوله: (ولا يعم) أي ولا يعم ثبوته برؤيتهما بل إنما يجب الصوم في حق من أخبراه بالرؤية أو سمعهما يخبران غيره بها كما مر قوله: (إلا إذا نقل إلخ) أي فكل من نقل إليه بعدلين عنهما وجب عليه الصوم. قوله: (ولو ادعيا إلخ) أي هذا إذا ادعيا الرؤية في غيم أو في صحو ببلد صغيرة، بل ولو ادعيا الرؤية بصحو بمصر كما هو قول مالك وأصحابه، قال ابن رشد: وهو ظاهر المدونة وظاهره ولو ادعيا الرؤية في الجهة التي وقع الطلب فيها من غيرهما، ورد المصنف بلو قول سحنون بردهما للتهمة ابن بشير هو خلاف في حال أن نظر الكل إلى صوب واحد ردت وإن انفردا بالنظر إلى موضع ثبتت شهادتهما، وعده ابن الحاجب قولا ثالثا واعترضه في التوضيح.
قوله: (فإن ثبت برؤيتهما ولم ير لغيرهما بعد ثلاثين صحوا) ليس هذا مفرعا على شهادة الشاهدين في الصحو والمطر فقط كما قيل بل هو أعم من ذلك أي سواء كانت رؤيتهما مع الغيم أو الصحو كان البلد صغيرا أو كبيرا، وكذا قال ابن غازي وأشار بقوله كما قيل لابن الحاجب وشراحه حيث فرعوه على المشهور فيما قبله، واعترض ح إطلاق ابن غازي بأن أمر الشاهدين مع الغيم أو صغر المصر يحمل على السداد.
قوله: (بعد ثلاثين) أي ليلة إحدى وثلاثين. وقوله: كذبا أي وحينئذ فيصام الحادي والثلاثون. والحاصل أن تكذيبهما مشروط بأمرين: عدم رؤيته لغيرهما ليلة إحدى وثلاثين، وكون السماء صحوا في تلك الليلة، فلو رآه غيرهما ليلة إحدى وثلاثين أو لم يره أحد وكانت السماء غيما لم يكذبا، ووقع النزاع في أمر ثالث هل يشترط في تكذيبهما أن تكون رؤيتهما بصحو بمصر فإن كانت بغيم أو بصحو في بلد صغير لم يكذبا أو يكذبان مطلقا كانت رؤيتهما بصحو أو غيم كانت البلد صغيرا أو مصرا. الأول لشراح ابن الحاجب واختاره ح، والثاني لابن غازي، ومثل العدلين في كونهما يكذبان بالشرطين المذكورين ما زاد عليهما ولم يبلغ عدد المستفيضة، وأما الجماعة المستفيضة فلا يتأتى فيهم ذلك لإفادة خبرهم القطع، والظاهر أنه إن فرض عدم الرؤية بعد الثلاثين من إخبارهم بالرؤية دل على أن شرط الاستفاضة لم يتحقق فيهم وحينئذ فيكذبون، والنية أول الشهر مع التكذيب صحيحة للعذر ولخلاف الأئمة لان الشافعي يقول: لا يكذب العدلان ويعمل في الفطر على رؤيتهما أولا. وظاهر كلام المصنف أنهما يكذبان ولو حكم بشهادتهما حاكم وهو كذلك حيث كان مالكيا، أما لو كان الحاكم بهما شافعيا لا يرى تكذيبهما فإنه يجب الفطر. قوله: (وأما شهادتهما إلخ) الأوضح أن يقول كذبا في شهادتهما ولو رؤي لهما إذ شهادتهما برؤيته بعد الثلاثين صحو كالعدم لاتهامهما على ترويج شهادتهما الأولى. قوله: (مستفيضة) أي منتشرة. وقوله: لا يمكن إلخ اعلم أن الخبر المستفيض وقع فيه خلاف، فالذي ذكره ابن عبد السلام والتوضيح أنه المحصل للعلم أو الظن وإن لم يبلغ الذين أخبروا به عدد التواتر، والذي لابن عبد الحكم أن الخبر المستفيض هو المحصل للعلم لصدوره ممن لا يمكن تواطؤهم على باطل لبلوغهم عدد التواتر، واقتصر على هذا ابن عرفة والآبي والمواق وكذا شارحنا، فالأول أعم من الثاني، فقول الشارح: لا يمكن تواطؤهم إلخ أي لبلوغهم عدد التواتر قوله: (وعم الصوم) أي وعم وجوبه سائر البلاد القريبة والبعيدة إن نقل بهما عنهما وأولى إن نقل بهما عن الحكم برؤية العدلين أو الجماعة المستفيضة خلافا لعبد الملك القائل: إذا نقل بهما على الحكم فإنه يقصر على من في ولايته. وقال أبو عمر بن عبد البر: إن النقل سواء كان عن حكم أو عن رؤية العدلين أو الجماعة المستفيضة إنما يعم البلاد القريبة لا البعيدة جدا وارتضاه ابن عرفة انظر ح. ويمكن أن يكون مراد الشارح بالبعيد البعيد لا جدا فيكون ماشيا على ذلك القول.