أنه لا فرق بين كون ظن التغير قويا أو غير قوي في أنه يضر كما في حاشية شيخنا ولذا أطلق الشارح في الظن ولم يقيده بالقوي قوله: (أي كثيرا) أي في أكثر الأزمنة احترز بذلك من التغير بما لا يفارقه أصلا وبما يفارقه قليلا فلا يضر التغير به فالأول كالتغير بالمقر والثاني كالتغير بالسمك الحي وكالتغير بالسمن بالنسبة لأهل البادية التي لا تنفك أوانيهم عنه غالبا فيغتفر ذلك لهم دون غيرهم كما في ح عن ابن رشد. قوله: (مثال لهما) أي للمغير المفارق الطاهر والنجس قوله: (لأنه قد يكون) أي الدهن طاهرا إلخ، وما ذكره من أن قوله كدهن خالط وبخار مصطكي مثالان للمغير المفارق غالبا هو الأولى من جعلهما مشبهين به لأنهما من جملة أفراده والتشبيه يقتضي مغايرة المشبه للمشبه به، وإن أمكن الجواب عنه بأنه من تشبيه الخاص بالعام، ويكفي في التشبيه المغايرة بين المشبه والمشبه به بالخصوص والعموم نعم يعترض على التشبيه من جهة أنه يفيد أن الدهن المخالط يضر مطلقا غير الماء أم لا وليس كذلك إذ لا يضر إلا إذا غير أحد أوصاف الماء الثلاثة كان التغير بينا أم لا، وكذا يقال في بخار المصطكي (قوله مصطكي) بفتح الميم وضمها لكن مع الفتح يجوز المد والقصر، أما مع الضم فالقصر متعين، ولو قال المصنف: وبخار كمصطكي بالكاف كان أولى ليدخل غيرها كالعود ونحوه إذ لا خصوصية لبخور المصطكي بل بخار غيرها كذلك إلا أن يقال: إن كاف كدهن الداخلة على بخار داخلة على المضاف إليه وهو مصطكي تقديرا كما هو عادة المصنف. قوله: (لأنه قد يكون نجسا أيضا) أي لان دخان المصطكي قد يكون نجسا كما يكون طاهرا فإذا كانت المصطكي طاهرة كان دخانها طاهرا، وإن كانت متنجسة كان دخانها نجسا قوله: (بناء على ما يأتي إلخ) أي وجعل بخار المصطكي مثالا للمغير المفارق طاهرا أو نجسا بناء إلخ قوله: (لا على الراجح) أي من أن النار تطهر وأن دخان النجس طاهر وعليه فقوله: وبخار مصطكي مثال لما إذا كان المغير المفارق طاهرا. وقوله وسواء بخر به الماء أي وذلك كما لو كان الماء في النصف الأسفل من الاناء ووضعت المبخرة في النصف الأعلى الخالي من الماء وغطى الاناء بشئ حتى امتزج دخان البخور بالماء فيضر قوله: (إلا أن لم يبق) أي الدخان كما لو بخر الاناء وهو خال من الماء ثم بعد تبخيره وضع فيه الماء بعد أن زال الدخان ولم يبق منه شئ في الاناء غاية الأمر أنه تعلقت به رائحة البخور فتغير ريح الماء برائحة البخور المتعلقة بالاناء (قوله وحكمه كمغيره) جملة مستأنفة جوابا عما يقال: إذا كان التغير بالمفارق يسلب الطهورية فهل يجوز تناوله في العادات أو لا يجوز تناوله فيها؟ وهذا شروع في بيان حكم قسمين من أقسام الماء الأربعة وهي مطلق وغير مطلق، والمطلق إما مكروه الاستعمال وسيأتي، وإما غير مكروه وقد مر وغير المطلق إما طاهر أو نجس، وكلام المصنف هنا في هذين القسمين أعني الطاهر والنجس قوله: (وإن تغير بنجس فلا) أي فلا يجوز استعماله فيها وفيه أن النجس ممنوع التناول وما تغير به وهو المتنجس يجوز الانتفاع به كما يأتي في غير مسجد وآدمي من سقي زرع وماشية مثلا وحينئذ فليس حكمهما واحدا قوله: (أي ظاهر) الأولى أي
(٣٨)