فيهما كان عالما بأنه في صلاة أم لا، وهذا كله ما لم يلتذ وإلا بطلت لان اللذة تنزل منزلة الأفعال الكثيرة هذا هو الفقه، وأما ما ذكره الشارح تبعا لعج من التفرقة فلا وجه له. والحاصل أنه إن نظر في الصلاة لعورة نفسه أو لعورة إمامه فإن كان عمدا بطلت وإلا فلا كان عالما بأنه في صلاة أو ذاهلا عن ذلك، وأما إن نظر لعورة شخص آخر غير نفسه وغير إمامه فلا تبطل ولو تعمد النظر لها كان عالما بأنه في صلاة أم لا لأنه لا علاقة للمنظور له بالصلاة، وهذا التفصيل طريقة لسحنون وهي ضعيفة، والمعتمد ما قاله التونسي من عدم البطلان مطلقا نظر لعورة نفسه أو إمامه أو لعورة غيرهما سواء تعمد النظر أو لا، كان عالما بأنه في صلاة أو لا، وحينئذ فيبقى قول المصنف أو نظر محرما فيها على إطلاقه. قوله: (فثالثها يخير) لتساويهما في الفحش ولما لم يكن في تلك الأقوال قول مشهور ولا مرجح عنده أطلق تلك الأقوال والظاهر منها أنه يستر القبل لأنه ظاهر دائما، بخلاف الدبر فإنه إنما يظهر في حال الركوع والسجود، ومحل الخلاف إذا لم يكن وراءه حائط وإلا ستر بها الدبر وستر القبل بالثوب اتفاقا، أو يكن أمامه شجرة وإلا ستر بها القبل وستر الدبر بالثوب اتفاقا كما قال البساطي، وتعقبه تت بأنه مخالف لظاهر إطلاقهم من جريان الأقوال، ولو كان في ليل مظلم أو في محل منفرد أو صلى خلف حائط أو لشجر تأمل (قوله ومن عجز) أي عن كل ما يجب الاستتار به قوله: (صلى عريانا) أي بالركوع والسجود. فإن قيل: كل من الطهارة وستر العورة شرط من شروط الصلاة وقد تقدم أن الصلاة تسقط عند فقد ما يتطهر به ولم يقولوا بسقوط الصلاة عند فقد الساتر بل قالوا يطالب بالصلاة عريانا فما الفرق؟ قلت: إن الفرق أن الطهارة شرط في الوجوب والصحة معا فإذا عدم ما يتطهر به سقط عنه الوجوب، وأما ستر العورة فهو شرط في الصحة إن ذكر وقدر قوله: (فإن اجتمعوا بظلام) أي سواء كان ظلام ليل أو ظلمة مكان قوله: (فكالمستورين) أي وحينئذ فيصلون الصلاة على هيئتها من قيام وركوع وسجود ويتقدمهم إمامهم قوله: (ويجب عليهم تحصيله) أي فإن تركوا تحصيله مع القدرة عليه بطلت صلاتهم لأنه بمنزلة ترك الستر مع القدرة عليه كذا قيل، والحق أنها صحيحة، وإنما يعيدون في الوقت إذ غايته أنهم إنما تركوا واجبا غير شرط. قوله: (وإلا يكونوا بظلام) أي بأن كان اجتماعهم في ضوء كنهار أو ليل مقمر (قوله فإن تركوه) أي التفرق مع إمكانه وقوله أعادوا أبدا أي لأنهم بمنزلة من صلى عريانا مع القدرة على الستر قوله: (كذا قيل) قائله عج ومن تبعه قوله: (وفيه نظر) أي في الإعادة أبدا نظر إذ غايته أنهم تركوا أمرا واجبا ليس بشرط لان وجوب التفرق إنما هو لحرمة الرؤية والنظر للعورة لا لكونه بمنزلة الستر، فالأحسن ما قاله غيره من أنهم إذا تركوا التفرق مع القدرة عليه يعيدون في الوقت لتركهم الامر الواجب الذي ليس بشرط، والمراد يعيدون في الوقت إن وجد ساتر لا يتفرق ولا في ظلام كذا قرر شيخنا قوله: (فإن لم يمكن تفرقهم) أي لخوف على مال أو على نفس من عدو أو سبع أو لضيق مكان كسفينة قوله: (جماعة) إنما أمروا بصلاتهم جماعة لأنهم لو صلوا أفذاذا نظر بعضهم من بعض ما ينظر لو صلوا جماعة فالجماعة أولى قوله: (أي على هيئتها من ركوع وسجود) تقديما للركن المجمع عليه على الشرط المختلف فيه، وما ذكره المصنف من صلاتهم قياما على هيئتها هو المعتمد خلافا لمن قال: يصلون من جلوس بالايماء ولم يقل أحد إنهم يصلون قياما بالايماء فقول البساطي: صلوا قياما يومئون للركوع والسجود فيه نظر لان الموضوع أنهم غاضون أبصارهم فلا وجه للايماء، وأيضا من قال بالايماء يقول بصلاتهم جلوسا. قوله: (إمامهم وسطهم) أي إمامهم كائن بينهم فهو مبتدأ وخبر والجملة حال قوله: (لم تبطل فيما يظهر) وذلك لان الفرض أنهم عاجزون عن الستر والغض إنما وجب لحرمة النظر فغاية الامر
(٢٢١)