تنبيهان: الأول: كان المصنف هرب بأفراد الضمير في قوله لك مما في المدونة من تثنيته لان فيها وجه الحكم في القضاء إذا أدلى الخصمان بحجتهما ففهم القاضي عنهما وأراد أن يحكم بينهما أن يقول لهما أبقيت لكما حاجة فإن قالا لا حكم بينهما ثم لا تقبل منه حجة بعد إنفاذه انتهى. فقيل: الحجة إنما تطلب ممن يتوجه عليه الحكم وهو المدعى عليه، ولهذا اختصرها أبو محمد بإفراد الضمير، لكن أجيب عنها بأن الحكم تارة يتوجه على الطالب وتارة على المطلوب لأنه قد تقوى حجة المدعى عليه فتضعف حجة المدعي فيتوجه الحكم عليه بالابراء وغيره فلا بد من الاعذار، فلما كان يعذر تارة إلى هذا وتارة إلى هذا اختصر وأتى بذلك في لفظ واحد. كذا قال عياض وغيره. انتهى من التوضيح.
الثاني: اختلف في وقت الاعذار إلى المحكوم عليه، فقيل قبل الحكم وبه جرى العمل، وقيل بعده ذكره في مفيد الحكام. ونقله ابن فرحون في تبصرته. وفي مسائل ابن زرب: ولا تتم قضية القاضي إلا بعد الاعذار انتهى. وفي آخر وثائق الجزيري في تسجيل بنقض حكم قضاء قاض فنظر فيه فتبين له من خطئه وجهله بالسنة ما أوجب فسخ قضائه عند فلان إذا كان لم يعذر إليه أو لم يصرح بأسماء الشهود الذين حكم بهم إذ ليس ذلك جائزا إذ ليس بمشهور بالعدل في الحكم انتهى. فعلم منه أن الحكم قبل الاعذار لا يجوز. وفي البرزلي في مسائل الأقضية: وحكى ابن فرحون مسألة طول فيها من ابتياع وخصومة فيها، فذكر فيها أن حكما وقع بغير إعذار فاختلف فيه، فذهب منذر بن إسحاق إلى أن الحكم بغير إعذار غير صواب ولا هو من وجه الحق لأنه من قبيل من لا يجب قبوله وليس نظره بحجة قال: وفيه ضعف. وقال مطرف وابن الماجشون: إذا لم يكتب الاعذار في الحكم وزعم المكتوب عليه بعد موت الحاكم أو عزله له أنه لم يمكنه من جرح الشاهد، فلا يسمع منه والحكم ماض عليه. وقال غيرهما: إن دعي إلى الاعذار فإنه يعذر إليه وذلك من حقه، فإن أتى بمدفع نظر له وإن لم يأت بمدفع مضى الحكم بالاعذار إليه ولا يستأنف النظر فيما تقدم من الحكم لغفلة من غفل عن تتبع حقه انتهى. ويؤخذ من المسألة الثانية من سماع عبد الملك بن الحسن من الاستحقاق أن الغائب على حجته وله نقض الحكم إذا ظهر ما ينقضه ولو لم ترج له الحجة لأنه في المسألة المذكورة لم ترج له الحجة وفي أثناء شرح المسألة الأخيرة من رسم طلق من سماع ابن القاسم من طلاق السنة في تعليل المسألة لان الشهادة لا يجب الحكم بها إلا بعد الاعذار إلى المشهود عليه انتهى. وانظر مختصر الواضحة في باب ما يفسخ فيه حكم القاضي والله أعلم. ص: (وندب توجيه متعدد فيه) ش: الضمير المجرور بفي يعود على الاعذار المدلول عليه بقوله واعذر