لابنه من أخيه فلم يسعفه فحلف لا أحضره في فرح ولا حزن فمات المحلوف عليه، فهل للحالف حضور دفنه وتكفينه وتعزيته أم لا؟ فأجاب بأنه لا يحضره بعد الموت إذا قصد الحالف إيلام نفس أخيه في عدم اجتماعه معه فيما جرت العادة بائتلاف القرابة فيه، وإذا مات فلا إيلام إلا أن يريد بقوله لا حاضرة لا حضر كل ما ينسب إليه قصد المباعدة والقطيعة فحضور جنازته هو مما ينسب إليه. وقد سئل مالك عمن حلفت لا تحضر لأختها محيا ولا مماتا، فماتت بنت أختها فأرادت انتظارها عند باب المسجد لتصلي عليها ويمينها بالمشي إلى مكة، فكره مالك ذلك لها وهي لم تعز ولم تعز ولم تحضر مشهدها والحنث يكون بأقل سبب فترك ذلك أحسن، لأن قوله: لا حاضر قوي في إرادة الحياة، ولما عرف عادة بإيلامه بعدم حضوره قال البرزلي: قلت: عندي أنها تجري على مسألة لا أدخل على فلان بيتا حياته فدخل عليه بعد موته فنص الرواية يحنث خلافا لسحنون وهو الأصح، لا تسمية باسمه بعد موته فجاز من تسمية الشئ بما كان عليه، ولان القصد الايلام لقلبه وقد مات فلا إيلام. ص: (لا بدخول محلوف عليه إن لم ينو المجامعة) ش: قال في المدونة إثر هذا الكلام المتقدم عند قول المصنف:
ودار جاره في مسألة إن حلف أن لا يدخل على فلان بيتا وإن دخل المحلوف عليه على الحالف فخاف مالك عليه الحنث. وقال ابن القاسم: لا يحنث إلا أن ينوي أن لا يجامعه في بيت فيحنث انتهى. وقال في التوضيح: ابن المواز: وقيل: لا شئ عليه إلا أن يقيم معه بعد دخوله عليه. ابن يونس: قال بعض أصحابنا: وكذا ينبغي على قول ابن القاسم أن لا يجلس بعد دخول المحلوف عليه، فإن جلس وتراخى حنث ويصير كابتداء دخوله هو عليه انتهى. ونقله أبو الحسن وفيه نظر، لأنه قد تقدم أنه لا يحنث باستمراره في الدار إذا حلف لا دخلها وكذلك هنا إنما حلف على الدخول عليه فتأمله. وقوله: فخاف عليه مالك الحنث قال أبو الحسن: لأنه خاف أن تكون نيته أعم من لفظه انتهى. ص: (وبتكفينه في لا أنفعه حياته) ش: تصوره واضح.
فرع: فإن حلف أن لا ينفع فلانا شيئا وهو وصي لرجل مات وأوصى أن يقسم على المساكين أو سمى لفلان وفلان المحلوف عليه منهم، فإنه يحنث بما دفعه إليه من الوصية إلا أن تكون له نية في أنه أراد لا ينفعه بماله فيصدق إلا أن تكون يمينه بطلاق أو عتاق فلا ينوي إذا قامت عليه البينة إلا أن يكون قد كانت إليه منه صنائع من المعروف فينوي فيما ادعاه مع يمينه.
قاله في أول رسم من سماع ابن القاسم من كتاب النذور.