وقال ابن الماجشون: إنه حانث. احتج بقوله: * (أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا) * فجعل الرمز كلاما لأنه استثناه من الكلام، وليس ذلك بحجة قاطعة لاحتمال أن يكون الاستثناء منفصلا غير متصل مقدر بلكن ومثل قول ابن الماجشون لأصبغ في سماعه من هذا الكتاب وجه القول الأول أن الكلام عند الناس فيما يعرفون إنما هو الافهام بالنطق باللسان فعمل يمين الحالف على ذلك إن عريت من نية أو بساط يدل على ما سواه. ووجه القول الثاني أن حقيقة الكلام والقول هو المعنى القائم بالنفس قال الله تعالى: * (ويقولون في أنفسهم لولا) * الآية. وقال: * (وأسروا قولكم) * الآية. فإذا أفهم الرجل ما في نفسه بلفظ أو إشارة فقد كلمه حقيقة لأنه أفهمه ما في نفسه من كلامه بذاته دون واسطة من رسول أو كتاب. والقول الأول أظهر لأن التكليم وإن كان يقع على ما سوى الافهام باللسان فقد تعرف بالنطق بالافهام باللسان دون ما سواه فوجب أن يحمل الكلام على ذلك وأن لا يحنث الحالف على ترك تكليم الرجل بما سواه إلا أن ينوي به انتهى. فانظر هذا القول الذي تركه المؤلف مع قوته والله أعلم.
فرع: قال البرزلي في مسائل الايمان في أثناء مسألة من حلف أن لا يتكلم فقرأ بقلبه ومن حلف أن لا يكلم رجلا فنفخ في وجهه فليس بكلام انتهى. ونقله في النوادر ونقل عليه الاجماع، ونقله الجزولي عنه في الكبير عند قوله: والنفخ في الصلاة كالكلام والله أعلم. ص (ولا بسلام عليه في صلاة) ش: قال في المدونة: ومن حلف أن لا يكلم زيدا فأم قوما فيهم زيد فسلم من الصلاة عليهم أو صلى خلف زيد وهو عالم به فرد عليه السلام حين سلم من صلاته لم يحنث وليس مثل هذا كلاما انتهى. قال أبو الحسن: إن كان إنما سلم عليهم تسليمة واحدة فلا يحنث إماما كان أو مأموما، وأما إن كان سلم اثنتين فإن كان مأموما فقال في المدونة: لا يحنث. وقال في كتاب محمد: يحنث. وقال أيضا: إن كان الامام الحالف فسلم تسليمتين حنث. وقال ابن ميسر: لا يحنث. اللخمي: وهذا كله إذا كان المأموم على يسار الامام وأسمعه لأن ثانية الامام يشير بها إلى اليسار فلم يحنثه بالأولى لأن القصد الخروج بها من الصلاة، وحنثه بالثانية على القول بمراعاة الألفاظ ولم يحنثه على القول بمراعاة المقاصد