مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٤٣٣
حلف لا يضربه فأمر من ضربه حنث إلا أن ينوي أن لا يضربه بنفسه، وإن حلف أن لا يبيعه فأمر من باعه حنث ولم ينو. وقال محمد: ينوي فنواه في الضرب إذا أمر من ضربه لأن من السادات من يطمن عبده بمثل ذلك لئلا يهرب أو غير ذلك من العذر، وأرى أن ينوي في البيع إن قال: خفت ذهابه فأمنته بمثل ذلك، ولو حلف في سلعة لا باعها لم ينو إذا كانت اليمين بالطلاق أو بما يقضى به عليه إلا أن يبين لذلك وجها. قال في التوضيح: وإلى هذا أشار التونسي وتأول مسألة البيع على أن يمينه كانت بما يقضى عليه فيه بالحنث فإنه قال: وإن حلف ليضربن عبده فأمر غيره فضربه بر، لأن الناس إنما يقصدون بهذا إيلام العبد لا أنه يضربه بيده، وإن حلف لا ضربته فأمر غيره فضربه حنث لأن القصد الايلام وقد وجد، وإن حلف لا باع ولا اشترى فأمر غيره ففعل فقال: يحنث، ولعله يريد إذا كانت يمينه بالطلاق وعليه بينة وإن كان ظاهر المدونة خلافه انتهى. وحكى في التنبيهات عن بعضهم أنه جعل ما قاله في البيع مخالفا لما قاله في الضرب والأول أظهر والله أعلم. انتهى كلام التوضيح، وهذان التأويلان المشار إليهما أولا.
فروع: الأول: إذا قال: والله لأعتقن عبيدي وقال: أردت بعضهم على سبيل التخصيص أو أردت بعبيدي دوابي أو أردت بالعتق بيعها، أفاده ذلك لأنه استعمل العبيد مجازا في الدواب والعلاقة الملك في الجميع، واستعمل العتق مجازا في البيع والعلاقة بطلان الملك فهذا تفيده فيه النية والمجاز.
الثاني: إذا قال: والله لأعتقن ثلاثة عبيد ونوى أنه يبيع ثلاثة دواب من دوابه لصح.
الثالث: إذا قال لزوجته: أنت طالق ثلاثا وقال: أردت أنك طلقت ثلاث مرات من الولادة أفاده ذلك ولم يلزمه طلاق في الفتيا ولا في القضاء وإن لم تقم عليه بينة أو قامت عليه بينة لكن هناك من القرائن ما يعضده وإلا لزمه الطلاق الثلاث في القضاء دون الفتيا. قاله القرافي في الفرق الثامن والعشرين والمائة. ومن أمثلة ذلك أيضا إذا قال: نسائي طوالق وله أربع نسوة وقال: أردت فلانة وفلانة وفلانة ولم أرد الرابعة، فنص ابن بشير في مسائل الحبس من نوازله على أنه يصدق إذا جاء مستفتيا، وأما إذا قال: جميع نسائي فلا ينوي إلا أن يقول: قد استثنيت فقلت: إلا فلانة أو نويت إلا فلانة على الخلاف في الاستثناء بالنية، وقد ذكرت كلامه في باب الطلاق والمشهور أن الاستثناء لا يفيد إلا بحركة اللسان إلا أن يعزل واحدة منهن من أول الأمر فيكون ذلك من باب المحاشاة. ومن أمثلة ذلك أيضا ما نقله في التوضيح عن ابن المواز ونصه: قال ابن المواز: إذا قال لزوجته: أنت طالق أو أنت طالق البتة إن راجعتك ثم أراد أن يتزوجها بنكاح جديد وقد خرجت من العدة وقال: إنما نويت ما دامت في العدة، فإن كانت على يمينه بينة لم أدينه، وإن لم تكن عليه بينة دينته وقال: وقيل: إنما معنى هذا إذا
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»
الفهرست