ومعنى كون اللفظ صالحا لها كما قال ابن عبد السلام: أن لا يكون اللفظ صريحا فيما نواه الحالف، ولو كان كذلك لما افترق الحكم فيه بين ما يكون الحالف فيه على نية وبين ما لا يكون كذلك بل لا بد أن يكون اللفظ محتملا لما نواه ولغيره انتهى. قال القرافي: الفرق الثامن والعشرين والمائة: اعلم أن الألفاظ نصوص وظواهر، فالنصوص لا تقبل المجاز ولا التخصيص، والظواهر هي التي تقبلها. والنصوص قسمان:
الأول: أسماء الاعداد كالخمسة والعشرة فلا يجوز أن تطلق العشرة وتريد بها التسعة ولا غيرها من مراتب الاعداد فهذا هو المجاز، وأما التخصيص فلا يجوز أن تقول: رأيت عشرة ثم تبين بعد ذلك مرادك بها وتقول: أردت خمسة فإن التخصيص مجاز أيضا لكنه يختص ببقاء بعض المسمى والمجاز قد لا يبقى معه من المسمى شئ كما تقول: رأيت إخوتك ثم تقول بعد ذلك: أردت بإخوتك نصفهم فهذا تخصيص، والمجاز الذي ليس بتخصيص أن تقول:
أردت بإخوتك مساكنهم فليس المساكن بعض الإخوة فلم يبق من المسمى شئ، فالمجاز أعم من التخصيص.
القسم الثاني من النصوص: الألفاظ التي هي مختصة بالله تعالى نحو لفظ الجلالة ولفظ الرحمن فإنه لا يجوز استعمالهما في غير الله البتة إجماعا. فلو قال: والله والرحمن لا فعلت كذا وقال: أردت بلفظ الجلالة والرحمن غير الله عز وجل وعبرت بهذا اللفظ عن بعض المخلوقات لله تعالى من باب إطلاق الفاعل على أثره والحلف بالمخلوق لا يلزم به كفارة هل تسقط عنه الكفارة؟. قلت: ظاهر كلام العلماء أن هذا تلزمه الكفارة إذا حنث، وأن هذين اللفظين لا يجوز استعمالهما في غير الله، وما امتنع شرعا فهو كالمعدوم حسا، فهذا الامتناع شرعي والامتناع في الاعداد لغوي انتهى. وقوله: إن نافت أصله نافيت فتحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين كما في ساوت ومعناه أن من شرط النية المخصصة أن تكون منافية أي مخالفة لمقتضى اللفظ بمعنى أن يكون لفظ الحالف يقتضي ثبوت الحكم لصور والنية المخصصة تنفي ذلك الحكم عن تلك الصور. قال القرافي في الفرق التاسع والعشرين: من شرط المخصص أن يكون منافيا للمخصص ومتى لم تكن النية منافية لم تكن مخصصة، وكذلك المخصصات اللفظية إذا لم تكن معارضة لا تكون منافية انتهى. وهذا إنما هو في المخصصة لا في المقيدة كما يفهم من كلام المصنف. قال في الذخيرة:
تنبيه: سئل الحالف باللفظ العام فإن قال: أردت بعض أنواعه لا يلتفت لنيته ويعتبر عموم لفظه لأن هذه النية مؤكدة للفظ في ذلك النوع غير صارفة له عن بقية الأنواع ومن شرط المخصصة أن تكون صارفة. فإن أردت إخراج ما عدا هذا النوع حملت يمينه على ما بقي بعد الاخراج ومن شرط النية المخصصة أن تكون منافية لمقتضى اللفظ بخلاف المقيدة وقاله الأئمة،