والله أعلم. ولنرجع إلى بقية كلام المصنف، فظهر معنى قول المصنف: وخصصت نية الحالف وقيدت إن نافت وساوت أي فإذا كانت مخصصة ومقيدة قبلت في القضاء والفتيا وهذا مفهوم من إطلاقه كما تقدم. وأتى بقوله: ككونها معه ليفيد أن التخصيص إنما هو إذا تساوى الاحتمالان كما نبه بقوله: لا إرادة ميتة على الاحتمال المرجوح البعيد جدا، وبقية الكلام على ما تقدم تقريره. قال في التوضيح: فهذه المسألة على ثلاثة أقسام: منها ما يقبل في الفتيا دون القضاء وهو ما خالفت النية فيه ظاهر اللفظ، ومنها ما يقبل في الفتيا والقضاء وهو ما إذا تساويا، ومنها ما لا يقبل في الفتيا ولا في القضاء وهو ما إذا قال امرأتي: طالق وأمتي حرة ويريد الميتة انتهى.
مسألة: قال في كتاب الايمان والنذور من النوادر ومن المجموعة: قال ابن القاسم عن مالك فيمن سئل عن شئ فقال: علي فيه يمين وهو كاذب وإنما هو اعتذار فلا شئ عليه إلا في الطلاق والعتاق. وإن قامت عليه بينة قال عنه ابن وهب: وإذا جاء مستفتيا ولا بينة عليه دين ولا شئ عليه في الفتيا. قال ابن حبيب عن مطرف عن مالك: ولا يصدق في القضاء إلا أن يكون أشهد قبل أن يقول ما قال أي إنما أقول ذلك معتذرا. قال ابن حبيب: ومن وجد امرأته قد خرجت فقال لها لم خرجت وقد كنت حلفت بطلاقك إن خرجت، ثم قال: ما حلفت وما قلت ما قلت إلا تغليظا عليها. قال: لا شئ عليه في الفتيا، وأما في الحكم فيلزمه الطلاق انتهى. وفي رسم سلعة سماها من سماع ابن القاسم من كتاب النذور: وسئل عن الرجل يسأل عن الامر فيقول فيه علي صدقة أو مشى وهو كاذب إنما أراد بذلك أن يمنعه قال:
لا شئ عليه إنما يكون ذلك عليه في العتق والطلاق يعني إذا قامت عليه بينة. قال ابن رشد:
هو كما قال: إن ما لا يحكم عليه به فهو موكول إلى أمانته وحسابه على الله تعالى يوم تبلى