فليبدأ بقضاء حاجته من الطعام لأنه يتفرغ بذلك للصلاة، فإن بدأ بالصلاة فإن كان باله مشغولا بحيث لا يدري ما صلى يعيد ذلك أبدا، وإن كان دون ذلك ولكن يقلقه ويعجله فحسن أن يعيد في الوقت وإن كان إنما تتوق نفسه إلى الطعام من غير أن يشغله فلا شئ عليه. انتهى باختصار.
وقال الجزولي: إذا حضر الطعام والصلاة فإن كان يخاف أن يشغله قدم الطعام، وإن علم أنه لا يشغله أفطر منه بشئ يسير وصلى لأنه يستحب الفطر قبل الصلاة ولو بالماء انتهى.
الثامن: ذكر المصنف حكم تعجيل السحور ولم يذكر حكم السحور، وقد عده القاضي عياض في قواعده في سنن الصوم. وقال في الاكمال: أجمع الفقهاء على أن السحور مندوب إليه ليس بواجب انتهى. وقال اللخمي: السحور الاكل عند السحر ولا خلاف أن السحور مستحب غير واجب انتهى. ونقله الشيخ أبو الحسن في الكبير وقد ورد في الحث عليه أحاديث كثيرة ففي الصحيحين قال رسول الله (ص): تسحروا فإن في السحور بركة وفي صحيح مسلم فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر.
التاسع: قال في الاكمال: قوله فإن في السحور بركة أصل البركة الزيادة وقد تكون هذه البركة القوة على الصيام وقد جاء كذلك مفسرا في بعض الآثار، وقد تكون الزيادة في الاكل على الافطار وهو مما اختصت به هذه الأمة في صومها، وقد تكون البركة في زيادة الأوقات المختصة بالفضل وهذا منها لأنه في السحر، وقد جاء في فضل ذلك الوقت وقبول الدعاء والعمل فيه وتنزل الرحمة ما جاء. وقد تكون البركة ما يتعلق بالسحر من ذكر وصلاة واستغفار وغيره من زيادات الأعمال التي لولا القيام للسحور لكان الانسان نائما عنها وتاركا لها. وتجديد النية للصوم ليخرج من الخلاف والسحور نفسه بنية الصوم وامتثال الندب طاعة وزيادة في العمل انتهى.
العاشر: قال في الاكمال أيضا. وقوله: فصل ما بين صومنا وصوم أهل الكتاب أكلة السحر صوابه بفتح الهمزة والرواية فيه بضمها. وبالضم إنما هو بمعنى اللقمة الواحدة، وبالفتح الاكل مرة واحدة وهو الأشبه هنا والفصل بالصاد المهملة الفرق بين الشيئين انتهى. قال ابن ناجي في شرح المدونة والرسالة قال التادلي: فيما قاله نظر والأشبه ما في الرواية لما فيه من التنبيه على قلة الاكل باللقمة الواحدة بخلاف الاكل مرة واحدة فإنه قد يكون فيها الطعام