مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٣٠٥
تأخير السحور وتعجيل الفطر انتهى. وقال صاحب الجواهر: تعجيل الفطر سنة وتأخير السحور مستحب والامر فذلك قريب والأصل في ذلك ما ورد في الصحيحين أن رسول (ص) قال:
لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر. وفي سنن الترمذي قال رسول الله (ص): قال الله تعالى:
أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا وروى مالك في الموطأ: من عمل النبوة تعجيل الفطر والاستيناء بالسحور. وفي صحيح البخاري ومسلم أنه كان بين فراغه من سحوره ودخوله في صلاة الصبح قدر قراءة خمسين آية. وروى الإمام أحمد بسنده من حديث أبي ذر أن رسول الله (ص) قال: لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور. والمراد بتعجيل الفطر أن يكون ذلك بعد تحقق الغروب وعدم الشك فيه لأنه إذا شك في الغروب حرم عليه الفطر اتفاقا.
وفي النوادر قال ابن نافع عن مالك: وإذا غشيتهم الظلمة فلا يفطروا حتى يوقنوا بالغروب انتهى.
وكذلك يستحب تأخير السحور ما لم يدخل إلى الشك في الفجر. قاله في المجموعة.
تنبيهات: الأول: هل المطلوب تعجيل الفطر قبل صلاة المغرب أو بعدها؟ قال الباجي في المنتقى لما تكلم على وقت المغرب في شرح قول عمر رضي الله عنه المغرب إذا غربت الشمس:
لا خلاف بين أهل السنة أن تعجيلها في أول الوقت مستحب لأنها تصادف الناس متهيئين لها ورفقا بالصائم الذي شرع له تعجيل الفطر بعد أداء صلاته انتهى. وفي كتاب الصيام من الموطأ مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعثمان بن عفان كانا يصليان المغرب حيث ينظران إلى الليل الأسود قبل أن يفطرا ثم يفطران بعد الصلاة وذلك في رمضان انتهى. وفي النوادر عن ابن حبيب: ولا ينبغي تأخير الفطر حتى يرى النجوم، ولا بأس لمن رأى سواد الليل أن يفطر قبل أن يؤذن ويصلي إذا رأى سواد الليل قد طلع من موضع يطلع منه الفجر تنبعث منه الظلمة انتهى. وفي سنن أبي داود عن أنس قال:
كان رسول الله (ص) يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم يجد رطبات فتمرات، فإن لم يجد تمرات حسا حسوات من ماء، فهذا الحديث يخالف كلام الباجي وما تقدم عن الموطأ إلا أن يحمل هذا على الفطر بالشئ اليسير. وكلام الباجي وما في الموطأ على أن المراد به العشاء وهذا هو الظاهر. وقد قال في العارضة: كان النبي (ص) يفطر قبل أن يصلي على شئ يسير لا يشغله عن الصلاة. وقال الجزولي: إنه يفطر بالشئ اليسير ويصلي وحينئذ يأكل لأنه يستحب له تعجيل الفطر قبل الصلاة ولو بالماء انتهى. وروى ابن عبد البر في التمهيد عن أنس قال: ما رأيت رسول الله (ص) يصلي حتى يفطر ولو على شربة ماء. ذكره في شرح
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»
الفهرست