فأصبح مفطرا لذلك ثم زال عذره فإنه لا يستحب له الامساك في بقية يومه كالحائض تطهر، والمسافر إذا قدم مفطرا، والمجنون إذا أفاق، والصبي إذا احتلم وكان مفطرا فإنه لا يستحب لهم الامساك في بقية يومهم. واختلف في المغمى عليه يفيق بعد الفجر فقال ابن حبيب: لا يمسك بقية يومه ذلك، والذي يقتضيه المذهب أنه يمسكه لأنه صوم مختلف فيه هل يجزئه أم لا انتهى.
تنبيهان: الأول: إذا أصبح الصبي صائما ثم احتلم فإنه يتمادى على صومه لأنه قد انعقد نافلة. قاله في الطراز . الثاني: يدخل في كلام المصنف من أكره على الافطار وقد صرح صاحب الطراز وابن يونس وصاحب النوادر بأنه يجب عليه الكف بعد زوال الاكراه. ص: (كمضطر) ش: يعني أن من أصبح صائما ثم حصلت له ضرورة اقتضت فطره من جوع أو عطش، فهل له أن يستديم الفطر بقية يومه ولو بالجماع؟ أجاز ذلك سحنون. وقال ابن حبيب: يزيل ضرورته فقط.
قال اللخمي: والأول أقيس لأنه أفطر لوجه مباح قياسا على المستعطش إذا كان يعلم أنه لا يوفي بصيامه إلا أن يشرب في نهاره مرة واحدة فإن له أن يبيت الفطر ويأكل ويصيب أهله.
ولو كان برجل مرض يحتاج من الدواء في نهاره إلى الشئ اليسير يشربه لم يؤمر بالصيام ولا بالكف عما سوى ما يضطر إليه انتهى. والخلاف في هذه المسألة كالخلاف في مسألة المضطر لاكل الميتة. قال في التوضيح: أي إن قلنا له أن يشبع ويتزود وهو المشهور جاز له التمادي يعني في هذه المسألة، وعلى قول ابن حبيب: إنه إنما يأكل قدر سد رمقه يريد هنا ضرورته انتهى. وقال البرزلي: والمشهور في مسألة الميتة أنه يأكل ويشبع ويتزود وكذا هنا يشرب حتى يشبع ويأكل ويجامع إن شاء انتهى. ذكر ذلك إثر سؤال سئل عنه ابن رشد ونصه: سئل ابن رشد عمن يصيبه العطش الشديد فيشرب هل يأكل بعده ويجامع في بقية يومه أم لا؟ فأجاب: