عندهم شئ من الأصناف التسعة، وإنما يقتاتون في غيرها فيجوز أن تؤدى حينئذ من عيشهم ولو كان من غير الأصناف التسعة. قال في المدونة: قال مالك: وتؤدى زكاة الفطر من القمح والشعير والسلت والذرة والدخن والأرز والتمر والزبيب والأقط، صاع من كل صنف منها، ويخرج ذلك أهل كل بلد من جل عيشهم من ذلك، والتمر عيش أهل المدينة ولا يخرج أهل مصر إلا القمح لأنه جل عيشهم إلا أن يغلو سعرهم فيكون عيشهم الشعير فيجزئهم. قال مالك: ولا يجزئ في زكاة الفطر شئ من القطنية وإن أعطى في ذلك قيمة صاع من حنطة أو شعير أو تمر. مالك: ولا يجزئه أن يخرج فيها دقيقا ولا سويقا. وكره مالك أن يخرج فيها تينا، وأنا أرى أنه لا يجزئه.
وكل شئ من القطنية مثل اللوبيا أو شئ من هذه الأشياء التي ذكرنا أنها لا تجزئ إذا كان ذلك عيش قوم فلا بأس به أن يؤدوا من ذلك ويجزئها انتهى. قال ابن ناجي في شرح كلام ابن القاسم الأخير: هذا تفسير لقول مالك المتقدم وما ذكره ابن القاسم هو المشهور. وقيل: لا تؤدي من القطنية وإن كانت عيش قوم. قاله محمد ورواه حكاه اللخمي. ولا خصوصية لما ذكره بل الخلاف في كل ما يقتات حتى لو كان لحما أو لبنا انتهى. فقوله في المدونة: أنها لا تؤدى من القطنية إن حمل على أن مراده إن لم يكن جل عيش فلا خصوصية لها بذلك لأن الأصناف التسعة التي ذكرها كذلك ويصير كلامه الأخير ليس فيه كبير فائدة، فيتعين أن يحمل كلامه أولا على أن المراد إذا كانت هي جل عيشهم وغيرها موجودا لا أنه ليس محل العيش. ويدل على ذلك قوله: أجزأ إذا كان ذلك عيش قوم فإن الظاهر أن معناه أنه ليس عيشهم إلا ذلك ولا يوجد شئ عندهم من الأصناف التسعة فيجزئهم حينئذ الاخراج منه فتأمله. وقال ابن الحاجب:
وقدرها صاع من المقتات في زمانه (ص) من القمح والشعير والسلت والزبيب والتمر والأقط والذرة والأرز والدخن. وزاد ابن حبيب العلس. وقال أشهب: من السنة الأول خاصة. قال في التوضيح: تقديرها بالصاع في جميع الأنواع هو المعروف. وقال ابن حبيب: تؤدى من البر مدين إلا صاعا. وقوله: في زمانه أي في سائر الأقطار ولم يرد بلدا معينا كما فهم ابن عبد السلام.
واعترض ثم قال: والظاهر أن محل الخلاف بين ابن حبيب والمذهب في العلس، وبين أشهب المذهب في الثلاثة إذا كان العلس والثلاثة غالب عيش قوم وغير ذلك موجود أو كان الجميع سواء فابن حبيب يرى الاخراج من العلس في الصورة الأولى والمشهور يخرج من التسعة، وأشهب يرى الاخراج من الستة انتهى. ثم قال ابن الحاجب: فلو اقتيت غيره كالقطاني والتين والسويق واللحم واللبن فالمصهور أن يجزي. قال في التوضيح: أي فلو اقتيت غير ما ذكر فهل يجزئ الاخراج منه؟ المشهور أنه يجزئ لأن في تكليفه غير قوته حرجا عليه. ورأي في القول الآخر الاقتصار على ما ورد في الحديث، ورواه ابن القاسم في القطاني أنها لا تخرج وإن كانت قوته انتهى. فيتعين أن يحمل قول ابن الحاجب: فلو اقتيت غيره على أن المراد أنه لم يكن لهم قوت غير ذلك بدليل ما ذكره في التوضيح أنه إذا كان العلس جل عيش قوم وغيره من