مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٢٥٦
القول المشهور بوجوبها فاختلف في دليل الوجوب، فالمشهور أنها واجبة بالسنة كما تقدم.
وقيل بالقرآن. وعلى وجوبها بالقرآن فقيل بعموم آية الزكاة، وقيل بآية تخصها وهي قوله * (قد أفلح من تزكى) * أي أخرج زكاة الفطر * (وذكر اسم ربه فصلى) * أي صلاة العيد. والظاهر أن المراد بقوله: تزكى في الآية أي تزكى بالاسلام وصلى الصلوات الخمس. قال اللخمي: وهو الأشبه لقوله: تزكى. إنما يقال لمن أدى الزكاة زكى على أنه ليس في الآية أمر وإنما تضمنت مدح من فعل ذلك ويصح المدح بالمندوب وإلى تشهير القول بوجوبها والقول بأن دليل الوجوب السنة أشار المصنف بقوله: يجب بالسنة.
فرع: قال ابن يونس: لا يقاتل أهل البلد على منع زكاة الفطر انتهى. وحكمة مشروعيتها الرفق بالفقراء في إغنائهم عن السؤال يوم الفطر. وأركانها أربعة:، المخرج بفتح الراء والمخرج بكسرها والوقت المخرج فيه ومن تدفع إليه. وتكلم المصنف على جميعها فبدأ بالكلام على الركن الأول وهو المخرج بفتح الراء. ويتعلق الكلام باعتبار قدره وجنسه ونوعه فبدأ بالكلام على قدره فقال: إنه صاع أو جزؤه يعني أن الواجب في زكاة الفطر قدره صاع بصاع النبي (ص) أو جزء صاع ولا يجب أكثر من ذلك. أما الصاع ففي حق المسلم الحر القادر عليه عن نفسه وعن كل واحد ممن تلزمه نفقته بسبب من الأسباب الآتية. وأما جزء الصاع ففي العبد المشترك والمعتق بعضه كما سيأتي وفي حق من لم يجد إلا جزء صاع. قاله في الطراز.
ومن قدر على بعض الزكاة خرجه على ظاهر المذهب لقوله (ص): إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم انتهى. وحمل الشارح والبساطي والأقفهسي كلام المصنف على هذا الأخير.
وقال ابن غازي، حمله على الواجب على سيد العبد المشترك والمبعض أولى من حمله على ما قاله سند ولو أراده المصنف لقال أو بعضه.
قلت: وحمله على ما ذكرناه أولى فيكون مراده بيان قدر الواجب في زكاة الفطر.
تنبيهات: الأول: لو قدر على إخراج صاع عن نفسه وعلى إخراج بعض صاع عمن تلزمه نفقته فالظاهر أنه يلزمه ذلك قياسا على ما قاله سند.
الثاني: إذا تعدد من تلزمه نفقته ولم يجد إلا صاعا واحدا أو بعض صاع، فهل يخرجه عن الجميع أو يقدم بعض من تلزمه نفقته على بعض كما سيأتي في باب النفقات أن نفقة الزوجة مقدمة على نفقة الولد والوالدين؟ واختلف هل تقدم نفقة الابن على نفقة الأبوين وهما سواء؟ على قولين لم أر في ذلك نصا والظاهر أنها تابعة للسنة والله أعلم.
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»
الفهرست