للأدناس، فالمراد من الدنس، ما يعد في العرب دنسا، فهو لا ينضبط، بل يختلف باختلاف الاشخاص والأحوال والأماكن. وعبارة المنهاج: والمروءة تخلق بخلق أمثاله في زمانه ومكانه. قال في المغني: لأن الأمور العرفية قلما تنضبط، بل تختلف باختلاف الاشخاص والأزمنة والبلدان، وهي بخلاف العدالة فإنها لا تختلف بإلاختلاف الاشخاص، فإن الفسق يستوي فيه الشريف والوضيع، بخلاف المروءة فإنها تختلف. وقيل المروءة التحرز. عما يسخر منه ويضحك به. وقيل هي أن يصون نفسه عن الأدناس ولا يشينها عند الناس، وقيل غير ذلك. اه. وقوله: وقيل غير ذلك، منه: المروءة ترك ما يزري بمتعاطيه لكونه غير لائق به عرفا، وهذه التعاريف متقاربة من جنة المعنى.
(واعلم) أنه يجوز تعاطي خارم المروءة، إلا إذا تعينت عليه الشهادة فيحرم عليه تعبه. وقد فقدت المروءة الآن إلا من القليل من الناس. وما أحسن ما قيل فيها:
مررت على المروءة وهي تبكي فقلت علام تنتحب الفتاة؟
فقالت كيف لا أبكي وأهلي جميعا دون خلق الله ماتوا؟
(قوله: فيسقطها) أي المروءة. (وقوله: الأكل والشرب في السوق) أي ونحوه من كل مكان لا يعتاد فيه ذلك، فالسوق ليس بقيد. ومحل إسقاطهما للمروءة حيث لا عذر، وإلا كأن غلبه جوع أو عطش واضطر إلى ذلك فيه، أو كان صائما وقصد المبادرة لسنة الفطر فلا يسقطانها، ومحله أيضا كما في النهاية فيما إذا أكل أو شرب خارج الحانوت، أما لو أكل داخل الحانوت وكان مستترا فيه، بحيث لا ينظره غيره ممن هو خارجه، فلا يضره ذلك ولم يرتض. هذا في التحفة ونصها: قال البلقيني أو أكل داخل حانوت مستترا ونظر فيه غيره، وهو الحق فيمن لا يليق به ذلك. اه. (قوله: والمشي الخ) بالرفع معطوف على الاكل: أي ويسقطها المشي في السوق حال كونه كاشفا ما ذكر، والمشي ليس بقيد. (وقوله:
أو بدونه) أي غير العورة، أما كشف العورة فحرام. (قوله: لغير سوقي) متعلق بكل من الأكل والشرب والمشي، فإن صدرت هذه الثلاثة من السوقي فلا تسقط مرؤته. (قوله: وقبلة الحليلة الخ) بالرفع أيضا عطف على الاكل: أي ويسقطها أيضا قبلة الحليلة، زوجة كانت أو أمة بحضرة الناس. وفي المغني ما نصه: قال البلقيني: والمراد بالناس الذين يستحيي منهم في ذلك، وبالتقبيل الذي يستحيي من إظهاره، فلو قبل زوجته بحضرة جواريه أو بحضرة زوجات له غيرها، فإن ذلك لا يعد من ترك المروءة. وأما تقبيل الرأس ونحوه فلايخل بالمروءة. اه. بتصرف. ولا يرد على إسقاط القبلة لها تقبيل ابن عمر رضي الله عنهما أمته التي وقعت في سهمه، لأنه كان تقبيل إستحسان لإغاظة الكفار لا تمتع، أو كان بيانا للجواز، ومثل القبلة في إسقاط المروءة وضع يده على موضع الاستمتاع منها من صدر ونحوه. (قوله: وإكثار الخ) بالرفع أيضا عطف على الاكل: أي ويسقطها إكثار ما يضحك من الحكايات بين الناس، ومحله إن قصد ضحك الجالسين، فإن لم يقصده لكون ذلك طبعه لم يعد خارما للمروءة، كما وقع ذلك لبعض الصحابة، وفي الصحيح، من تكلم بالكلمة يضحك بها جلساءه، يهوي بها في النار سبعين خريفا. (قوله: أو لعب شطرنج) بالجر عطف على ما يضحك: أي وإكثار لعب شطرنج بحيث يشغله عن مهماته، والكلام إذا خلا عن المال، وإلا فحرام كما سيذكره. (قوله: أو رقص) هو بالجر أيضا عطف على ما: أي وإكثار رقص والكلام أيضا حيث لم يكن تكسر، وإلا فهو حرام. (قوله: بخلاف قليل الثلاثة) أي ما يضحك ولعب شطرنج والرقص فإنه لا يسقطها، ومما يسقطها أيضا إكثار الغناء - بكسر الغين - والمد، أو استماعه. ويسقطها أيضا حرفة دنيئة كحجم وكنس زبل ودبغ ممن لا تليق به لاشعارها بالخسة، بخلافها ممن تليق به، وإن لم تكن حرفة آبائه فلا يسقطها. (قوله: ولا من فاسق) عطف على قوله من صبي: أي ولا تقبل الشهادة من فاسق لقوله تعالى: وأشهدوا ذوي عدل منكم، وهو ليس بعدل. (قوله: واختار جمع الخ) قال في التحفة: رده ابن