إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ٧٠
فصل في النفقة أي في بيان أحكامها. واعلم، أن للنفقة ثلاثة أسباب: الزوجية والقرابة والملك، وذكر في هذا الفصل الأولين، وذكر الثالث في فصل الحضانة، وكان الأولى ذكره في هذا الفصل جمعا بين الأسباب، وبدأ بنفقة الزوجة لأنها أقوى لكونها معاوضة في مقابلة التمكين من التمتع ولا تسقط بمضي الزمان وأخرت إلى هنا لوجوبها في النكاح وبعده كأن طلقت وهي حامل أو كان الطلاق رجعيا. والأصل فيها الكتاب والسنة والاجماع: فمن الأول قوله تعالى: * (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) * ومن الثاني خبر: اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله تعالى واستحللتم فروجهن بكلمة الله تعالى ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف (قوله: من الانفاق) يرد عليه أن النفقة مصدر مجرد والانفاق مصدر مزيد ولا يشتق المجرد من المزيد. ويمكن أن يجاب بأن المراد مأخوذة من الانفاق والاخذ أوسع دائرة من الاشتقاق (قوله: وهو) أي الانفاق. وقوله الاخراج: أي دفع ما يسمى نفقة لمن يستحقه، ثم إن الانفاق لا يستعمل إلا في الخير: كما إن الاسراف لا يستعمل إلا في غيره. ومن بلاغات الزمخشري: لا سرف في الخير كما لا خير في السرف. وهو من رد العجز إلى الصدر (قوله: يجب) أي وجوبا موسعا فلا يحبس ولا يلازم لكن لو طالبته وجب عليه الدفع، فإن تركه مع القدرة عليه أثم. ح ل. بجيرمي (قوله: المد الآتي) أي ذكره في المتن، ثم إن المؤلف قدر هنا فاعلا للفعل وجعل الفاعل بحسب صنيع المتن خبرا وقدر له مبتدأ (قوله: وما عطف عليه) أي المد الآتي وهو مدان ومد ونصف: أي وما تعلق به من الأدم وما بعده (قوله: لزوجة) متعلق بل يجب (قوله: ولو أمة ومريضة) الغاية للتعميم: أي لا فرق في وجوب ما ذكر للزوجة بين أن تكون أمة أو تكون حرة، ولا فرق أيضا بين أن تكون صحيحة أو مريضة (قوله:
مكنت من الاستمتاع بها) أي بأن عرضت نفسها عليه كأن تقول إني مسلمة نفسي إليك فاختر أن آتيك حيث شئت أو أن تأتيني. ومحل ذلك إذا كان في بلدها فإن غاب عن بلدها رفعت الامر إلى الحاكم ليكتب إلى حاكم بلد الزوج ليعلمه بالحال فيجئ إليها أو يوكل في الانفاق عليها فإن لم يفعل شيئا من الامرين فرضها القاضي في ماله من حين إمكان وصوله هذا إن كانت بالغة عاقلة فإن كانت صغيرة أو مجنونة. فالعبرة بعرض وليها لأنه هو المخاطب بذلك، ولا بد من التمكين التام فلو مكنته وقتا دون وقت كأن تمكنه الليل دون النهار أو في دار دون دار فلا نفقة لها. وخرج بتمكينها من الاستمتاع بها ما لو لم تمكنه من ذلك فهي ناشزة ولا نفقة لها. وقوله ومن نقلها الخ: أي ومكنته من نقلها إلى حيث شاء الزوج.
وخرج به ما لو امتنعت من ذلك فهي ناشزة أيضا ولا نفقة لها. وقوله عند أمن الطريق: والمقصد قيد في اشتراط تمكين نفسها له من نقلها إلى حيث شاء: أي يشترط ذلك إذا كان كل من الطريق والمقصد آمنا، وإلا فلا يشترط فلو امتنعت من ذلك حينئذ فليست بناشزة وعليه نفقتها. وقوله ولو بركوب بحر الخ: غاية في اشتراط التمكين من النقل معه: أي يشترط ذلك ولو كان النقل يكون بركوب بحر لأنه يلزمها إجابته إليه على الأوجه - كما في فتح الجواد. وقوله غلبت فيه السلامة:
قيد في ركوب البحر. وخرج به ما لو لم تغلب فيه السلامة فلا يشترط أن تمكن من نقلها الذي يحصل بركوبه بمعنى أنها لو
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»
الفهرست