إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ٤٥
فصل في العدة أي في بيان أحكامها: ككونها تحصل بوضع الحمل أو بالأقراء أو بالأشهر وإنما أخر الكلام عليها إلى هنا لترتبها غالبا على الطلاق، وإنما قدم الكلام على الايلاء والظهار عليها لأنهما كانا طلاقا في الجاهلية وللطلاق تعلق بهما، والأصل فيها الكتاب والسنة والاجماع، وهي من حيث الجملة معلومة من الدين بالضرورة، كما هو ظاهر. وقولهم لا يكفر جاحدها لأنها غير ضرورية ينبغي حمله على بعض تفاصيلها، وإنما كررت الأقراء الملحق بها الأشهر مع حصول البراءة بواحد استظهارا: أي طلبا لظهور ما شرعت لأجله وهو براءة الرحم واكتفى بها مع أنها لا تفيد تيقن البراءة لان الحامل قد تحيض لكونه نادرا وهي من الشرائع القديمة (قوله: هي مأخوذة من العدد) أي لغة، كما يفيده مقابله الآتي وقيل هي لغة اسم مصدر لاعتد، والمصدر الاعتداد (قوله: لاشتمالها) أي العدة بالمعنى الشرعي، فهو بيان لحكمة تسمية المعنى الشرعي بها فيكون تعليلا لمحذوف: أي وإنما سميت المدة التي تتربص فيها المرأة بالعدة التي هي مأخوذة من العدد لاشتماله تلك المدة على عدد أقراء أو أشهر، ولو أخر هذا التعليل عن المعنى الشرعي وزاد وسميت بذلك لكان أولى وأوضح (قوله: غالبا) راجع لقوله على عدد: أي أن اشتمالها على عدد هو في الغالب، واحترز به عن وضع الحمل فإنه لا عدد في صورته وعن عدة الأمة بشهر ونصف (قوله: وهي) أي العدة: وقوله شرعا: أي في الشرع (قوله: مدة تتربص فيها المرأة) أي تنتظر وتمنع نفسها عن النكاح في تلك المدة وشملت المرأة الحرة والأمة، وخرج بها الرجل فلا عدة عليه قالوا إلا في حالتين الأولى ما إذا كان معه امرأة وطلقها رجعيا وأراد التزوج بمن لا يجوز جمعها معها كأختها الثانية ما إذا كان معه أربع زوجات وطلق واحدة منهن رجعيا وأراد التزوج بخامسة فلا يجوز له ذلك في الحالتين المذكورتين إلا بعد انقضاء العدة وفي كون العدة واجبة على الرجل فيهما نظر، بل غاية ما فيه أنه يتربص بلا تزوج حتى تنقضي العدة الواجبة على المرأة (قوله: لمعرفة الخ) علة التربص أي تتربص في تلك المدة لأجل معرفة براءة رحمها من الحمل، وهذا بالنسبة لغير الصغيرة والآيسة والمراد بالمعرفة ما يشمل الظن إذ ما عدا وضع الحمل يدل عليها ظنا والرحم جلدة معلقة في فرج المرأة فمها كالكيس يجتمع فيه مني الرجل ومني المرأة فيتخلق منهما الولد (قوله: أو للتعبد) معطوف على لمعرفة الخ فهو علة ثانية للتربص أي أو تتربص في تلك المدة لأجل التعبد، وهذا بالنسبة للصغيرة والآيسة وهو المغلب في العدة بدليل عدم الاكتفاء بقرء واحد مع حصول البراءة به، وبدليل وجوب عدة الوفاة وإن لم يدخل بها.
قال في التحفة: وقول الزركشي لا يقال فيها أي في العدة تعبد لأنها ليست من العبادات المحضة عجيب. اه‍. (قوله:
وهو) أي التعبد. وقوله اصطلاحا: أي في اصطلاح الفقهاء. وقوله: ما لا يعقل معناه: أي أمر لا تدرك حكمته، بل الشارح تعبدنا به ثم إن في جعل ما خبرا عن التعبد مسامحة: إذ الامر الواقع عليه لفظ ما بمعنى المتعبد به فهو ليس عين التعبد. وقوله عبادة كان: أي كالصلاة. وقوله أو غيرها: كالعدة في بعض أحوالها (قوله: أو لتفجعها) معطوف على لمعرفة الخ، فهو علة ثالثة للتربص أي أو تتربص لتفجعها: أي توجعها وتحزنها يقال: فجعته المصيبة: أي أوجعته وفي
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست