فصل في التعزير أي في بيان موجبه وما يحصل به، والتعزير لغة التأديب وشرعا تأديب على ذنب لا حد فيه ولا كفارة، كما يؤخذ من كلامه، والأصل فيه قبل الاجماع آية * (واللاتي تخافون نشوزهن) * الآية، فأباح الضرب عند المخالفة، فكان فيه تنبيه على التعزير، وقوله (ص) في سرقة التمر إذا كان دون نصاب غرم مثله وجلدات نكال رواه أبو داود والنسائي بمعناه، وروى البيهقي أن عليا رضي الله عنه سئل عمن قال للرجل يا فاسق يا خبيث؟ فقال يعزر، وهو يفارق الحد من ثلاثة أوجه: أحدها اختلافه باختلاف الناس، والثاني جواز الشفاعة والعفو عنه بل يستحبان، والثالث التالف به مضمون، خلافا لأبي حنيفة ومالك رضي الله عنهما، (قوله: ويعزر أي الامام أو نائبه) أي أو السيد أو الأب أو الزوج، كما سيذكره، (قوله: لمعصية) متعلق بيعزر، واللام تعليلية: أي يعزر لأجل صدور معصية، (وقوله لا حد لها) أي المعصية، وهو قيد خرج به المعصية التي فيها الحد كالزنا فلا تعزير فيه، (وقوله: ولا كفارة) خرج المعصية التي توجب الكفارة كالتمتع بالطيب في الاحرام فلا تعزير أيضا فيه (قوله: سواء كانت) أي المعصية وهو تعميم فيها، (وقوله: حقا لله تعالى) أي كشهادة الزور وموافقة الكفار في أعيادهم ونحوها ومسك الحيات ودخول النار وغير ذلك. (وقوله: أم لآدمي) أي أم حقا لآدمي، وقوله كمباشرة الخ تمثيل له (قوله: غالبا) راجع لقوله ويعزر ولقوله لمعصية ولقوله لا حد لها ولا كفارة بدليل كلام الشارح الآتي، فبين محترز التقييد بالغلبة في الثاني بقوله: وقد يشرع التعزير بلا معصية الخ، وفي الأول بقوله:
وقد ينتفي مع انتفاء الحد الخ، وفي الثالث بقوله وقد يجامع التعزير الكفارة الخ (قوله: كمن يكتسب باللهو) أي كالطبل والنفير. فللامام أن يعزره وإن لم يكن مثله معصية، ومثله الصبي والمجنون إذا فعلا ما يعزر عليه البالغ العاقل فيعزران وإن لم يكن فعلهما معصية. (وقوله: الذي لا معصية فيه) يعلم بالأولى التعزير على اكتساب اللهو الذي فيه معصية ولا حد فيها ولا كفارة كاللعب بالأوتار. قال البجيرمي: ومن ذلك ما جرت به العادة في مصر من اتخاذ من يذكر حكاية مضحكة وأكثرها أكاذيب فيعزر على ذلك الفعل ولا يستحق ما يأخذ عليه، ويجب رده إلى دافعه وإن وقعت صورة الاستئجار، لأنه على ذلك الوجه فاسد. اه. (قوله: وقد ينتفي) أي التعزير في إرتكار معصية. (قوله: كصغيرة الخ) أي وكما في قطع شخص أطراف نفسه (قوله: لحديث الخ) دليل لانتفاء التعزير مع انتفاء الحد والكفارة (قوله: أقيلوا ذوي الخ) أي تجاوزوا عنها ولا تؤاخذوهم عليها. (وقوله: عثراتهم) جمع عثرة، وهي الصغيرة التي لا معصية فيها - كما هو أحد وجهين - وقيل أول زلة ولو كبيرة صدرت من مطيع (قوله: إلا الحدود) أي فلا تقيلوهم فيها (قوله: وفي رواية