إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٢٥٥
أي لا يفطر الجاهل بأن ما تعاطاه مفطر، ولو علم تحريم الاكل وجهل الفطر به لم يعذر، لان حقه مع علم التحريم:
الامتناع من الاكل. (قوله: لقرب إسلامه إلخ) هذا قيد للجهل المغتفر. أي وإنما يغتفر الجهل إن كان جهله لأجل قرب إسلامه إلخ، وأما إذا لم يكن لأجل ذلك فلا يغتفر. وهذا القيد معتبر في كل ما يأتي من الصور المغتفرة للجهل. وما في البحر - من عذر الجاهل مطلقا - ضعيف. (وقوله: أو نشئة ببادية بعيدة عمن يعرف ذلك) أي أن ما تعاطاه مفطر - أي أو كون المفطر من المسائل الخفية، كإدخاله عودا في أذنه. واحترز بذلك عما إذا كان قديم الاسلام، أو لم يكن بعيدا عمن يعرف ذلك بأن يكون بين أظهر العلماء، أو يستطيع النقلة إليهم، أو لم يكن من المسائل الخفية، فلا يغتفر جهله بذلك حينئذ. (قوله: مختار) بالرفع أيضا، صفة ثانية لعامد. (قوله: لا مكره) مفهوم مختار، أي لا يفطر مكره بتعاطي ما ذكر، لخبر: رفع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه. قال ع ش: ولو أكره على الزنا فينبغي أن يفطر به تنفيرا عنه. قال ابن قاسم: وفي شرح الروض ما يدل عليه. اه‍. لان الاكراه - أي على الزنا - لا يبيحه (1) بخلافه على الاكل.
اه‍. ويشترط في الاكراه - كما يأتي في الطلاق - قدرة المكره على تحقيق ما هدد به عاجلا بولاية أو تغلب، وعجز المكره عن دفعه بفرار أو استغاثة، وظنه أنه إن امتنع فعل ما خوفه به ناجزا فلا يتحقق العجز بدون اجتماع ذلك كله.
(قوله: لم يحصل منه قصد ولا فكر ولا تلذذ) قيد في عدم إفطار المكره. أي يشترط فيه أن لا يكون له قصد في فعل ما أكره عليه، ولا تفكر فيه، ولا تلذذ به، فإن كان كذلك لا يعتبر إكراهه، ويفسد صومه. وعبارة التحفة: وشرط عدم فطر المكره أن لا يتناول ما أكره عليه لشهوة نفسه، بل لداعي الاكراه لا غير. واستظهر ع ش: أن المكره لا يفطر، وإن أكل ذلك بشهوة. (قوله: بجماع) متعلق بيفطر، أي يفطر من ذكر بجماع، ولو كان مع حائل. قال في التحفة: ويشترط هنا كونه - أي المجامع - واضحا، فلا يفطر به خنثى، إلا إن وجب عليه الغسل، بأن يتقن كونه واطئا أو موطوءا. اه‍. (قوله:
وإن لم ينزل) غاية في إفطاره بالجماع. أي يفطر بجماع مطلقا - سواء أنزل أم لا - أي وسواء كان في قبل أو دبر، من آدمي أو غيره. (قوله: واستمناء) بالجر، معطوف على جماع، أي ويفطر باستمناء، وهو استخراج المني بغير جماع - حراما كان كإخراجه بيده، أو مباحا كإخراجه بيد حليلته. والسين والتاء فيه للطلب، ويرد عليه أنه يقتضي أن مجرد طلب المني يبطل الصوم، ولو لم يخرج المني، ولا قائل به. وأجيب بأن المراد طلب خروجه مع خروجه بالفعل - كما هو ظاهر. (قوله: ولو بيده أو بيد حليلته إلخ) غاية في إفطاره بالاستمناء، وهي للتعميم. أي يفطر به مطلقا - سواء كان بيده، أو بيد حليلته من زوجة، أو أمة، أو بلمس بشرة، سواء كان بشهوة أو بغيرها. (قوله: لما ينقض لمسه) المناسب: لمن ينقض لمسه - لأنه ما واقعة على من يعقل. (وقوله: بلا حائل) متعلق بلمس. وخرج به ما إذا كان ما ذكر بحائل، فإنه لا يفطر به. وفيه أن هذا القيد يغني عنه ما قبله، لأنه إذا كان هناك حائل لا نقض، فما خرج به يخرج بالذي قبله.
فتنبه. (قوله: لا بقبلة إلخ) معطوف على بجماع. أي لا يفطر بقبلة وضم لامرأة، وإن أنزل بهما. (قوله: بحائل) متعلق بكل من قبلة وضم. (قوله: أي معه) تفسير لمعنى الباء الداخلة على حائل. (قوله: وإن تكررتا) أي القبلة والضم، وهو غاية لعدم الافطار بهما. أي لا يفطر بهما، وإن تكررتا منه. والمناسب: وإن تكررا - بلا تاء - تغليبا للمذكر - وهو الضم -

(1) (قوله: لان الاكراه أي على الزنا لا يبحه) وذلك لان المكره به بالنظر لمجرد الاكراه تارة يجب الصبر عليه كما (أكره على القتل والزنا، وإن لم يقتل، أو يزن، فيقتل هو، فيجب عليه أن يصبر ويستسلم ولا يقدم على القتل. والزنا تارة لا يجب الصبر عليه، عليه، بل يجوز تعاطى.
المكره عليه - كما في الا الاكراه على شرب الخمر، والتكلم بكلمة الكفر، والفطر في رمضان - كما بين ذلك الفقهاء. وعبارة الارشاد:
ويبح - أي الاكراه - مكفرا وخمرا وفطرا، لازما وقتلا. اه‍ وبالنظر للقول بالتكليف بالنقيض لما أكره عليه يجب الصبر عليه مطلقا. أفاده.
سم في الآيات البينات. اه‍ مولف
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست