وقد صرحت الروايات والآثار بأن ضمة القبر عامة، للصالح وغيره.
وقد قال الشهاب ابن حجر: قد جاءت الأحاديث الكثيرة بضمة القبر، وأنه لا ينجو منها صالح ولا غيره، بل أخبر (ص) في سعد بن معاذ سيد الأوس من الأنصار أنه اهتز لموته عرش الرحمن استبشارا لقدوم روحه، وإعلاما بعظيم مرتبته، وأنه لم ينج منها، وأنه شيع جنازته سبعون ألف ملك، وأنه لو كان أحد بنحو منها لنجا منها هذا العبد الصالح.
لكن الناس مختلفون فيها، قيل ضمة القبر: التقاء جانبيه على جسد الميت. قال الحكيم الترمذي: لا نعلم أن للأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - في القبر ضمة ولا سؤالا، لعصمتهم. قيل هي للمطيع حنو، ولغيره ضمة سخط.
ويرده ما ورد في سعد بن معاذ أنه ضغط في قبره ضغطة شديدة بحيث اختلفت أضلاعه فيها، وأن رسول الله (ص) سئل عن ذلك، فقال إنه كان يقصر في بعض الطهور من البول. وأن الضمة المذكورة تكون لكل أحد، حتى الأطفال. لكن ذكر أن فاطمة بنت أسد رضي الله عنها سلمت من هذه الضمة، وأن من قرأ قل هو الله أحد في مرضه الذي يموت فيه كذلك - أي يسلم منها، وكذا الأنبياء.
وحكمتها: أن الأرض أمهم، ومنها خلقوا، فغابوا عنها الغيبة الطويلة، فلما ردوا إليها ضمتهم ضمة الوالدة التي غاب ولدها ثم قدم عليها، فمن كان مطيعا لله ضمته برفق ورأفة، ومن كان عاصيا ضمته بعنف سخطا منها لله عليه.
اه. بجيرمي.
(قوله: وجاوز الصراط على أكف الملائكة) في رواية. وحمله الملائكة بأجنحتها حتى يجيزونه من الصراط إلى الجنة. (قوله: ورود أيضا من قال إلخ) في إرشاد العباد للمؤلف، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله (ص): ألا أخبرك بأمر حق من تكلم به في أول مضجعه عن مرضه نجاه الله من النار؟ قلت: بلى قال: لا إله إلا الله يحيي ويميت وهو حي لا يموت، وسبحان الله رب العباد والبلاد، والحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه علي كل حال. الله أكبر. كبرياء ربنا وجلاله وقدرته بكل مكان. اللهم إن كنت أمرضتني لقبض روحي في مرضي هذا فاجعل روحي في أرواح من سبقت لهم الحسنى، وأعذني كما أعذت أولئك الذي سبقت لهم منك الحسنى. إن مت في مرضك ذلك، فإلى رضوان الله والجنة، وإن كنت قد اقترفت ذنوبا تاب الله عليك. وروي. ما من ميت يقرأ عنده يس إلا هون الله عليه.
ويستحب - إذا احتضر الميت - أن يقرأ عنده أيضا سورة الرعد فإن ذلك يخفف عن الميت سكرة الموت، وإنه أهون لقبضه، وأيسر لشأنه.
وذكر جماعة أن السواك يسهل خروج الروح، لاستياكه (ص) عند موته.
وروى أنس عن النبي (ص): من أتاه ملك الموت وهو على وضوء، أعطي الشهادة.
نسأل الله أن يمن علينا بالشهادة، ويمنحنا الحسنى وزيادة، ويرزقنا التقوى والاستقامة، بجاه سيدنا محمد (ص) المظلل بالغمامة.
(خاتمة) نسأل الله حسن الختام - تسن تعزية المصاب، لما أخرجه الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال