الطفل، فلا يسن تلقينه لأنه لا يفتن في قبره. ومثله المجنون - إن لم يسبق له تكليف وإلا لقن - وعبارة النهاية: ولا يلقن طفل - ولو مراهقا - ومجنون لم يتقدمه تكليف - كما قيد به الأذرعي - لعدم افتتانهما. اه. (قوله: ولو شهيدا) الغاية للرد، ولا فرق بين شهيد المعركة وغيره.
وقال م ر: استثنى بعضهم شهيد المعركة، كما لا يصلى عليه. وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى. والأصح أن الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - لا يسألون، لان غير النبي يسئل عن النبي، فكيف يسأل هو عن نفسه؟. اه. وقوله:
شهيد المعركة: قال ع ش: أي لأنه لا يسأل. وأفاد اقتصاره عليه أن غيره من الشهداء يسأل.
وعبارة الزيادي: والسؤال في القبر عام لكن مكلف، ولو شهيدا إلا شهيد المعركة. ويحمل القول بعدم سؤال الشهداء ونحوهم، ممن ورد الخبر بأنهم لا يسألون: على عدم الفتنة في القبر، خلافا للجلال السيوطي. اه.
واستدل القرطبي لعدم سؤال شهيد المعركة بخبر مسلم هل يفتن الشهيد؟ قال: كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة. قال: ومعناه أن السؤال في القبر إنما جعل لامتحان المؤمن الصادق في إيمانه، وثبوته تحت بارقة السيوف أدل دليل على صدقه في إيمانه.
(قوله: خلافا للزركشي) أي في قوله إن الشهيد لا يلقن لعدم سؤاله. وانظر: هل الزركشي يخالف في الشهيد مطلقا أو في شهيد المعركة؟. (قوله: بعد إلخ) متعلق بتلقين، أي يندب التلقين بعد تمام دفنه، لخبر: العبد إذا وضع في قبره وتولى وذهب أصحابه حتى أنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان. الحديث. فتأخير تلقينه لما بعد إهالة التراب، أقرب إلى حالة سؤاله. (قوله: فيقعد رجل إلخ) بيان لكيفية التلقين. (قوله: يقول: يا عبد الله إلخ) رواه الطبراني بلفظ:
إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب على قبره، فليقم أحدكم على رأس قبره، ثم ليقل: يا فلان ابن فلانة، فإنه يسمعه. ثم يقول: يا فلان ابن فلانة، فإنه يستوي قاعدا. ثم يقول: يا فلان ابن فلانة، فإنه يقول: أرشدنا يرحمك الله - ولكن لا تشعرون - فليقل: أذكر ما خرجت عليه من الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا، وبمحمد نبيا، وبالقرآن إماما. فإن منكرا ونكيرا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه ويقول: انطلق بنا، ما يقعدنا عند من لقن حجته؟ فقال رجل يا رسول الله فإن لم يعرف أمه؟ قال فينسبه إلى أمه حواء، يقول يا فلان ابن حواء. اه. شرح الروض.
ورأيت في حاشية البرماوي على سم صيغة تلقين بأبسط مما هنا، ولا بأس بذكرها هنا تتميما للفائدة، وهي:
ويسن تلقينه بعد الدفن وتسوية القبر، فيجلس عند رأسه إنسان يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، كل شئ هالك إلا وجهه، له الحكم وإليه ترجعون. كل نفس ذائقة الموت، وإنما توفون أجوركم يوم القيامة، فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور. منها خلقناكم، وفيها نعيدكم، ومنها نخرجكم تارة أخرى. منها خلقناكم للاجر والثواب، وفيها نعيدكم للدود والتراب، ومنها نخرجكم للعرض والحساب. باسم الله وبالله ومن الله وإلى الله وعلى ملة رسول الله (ص). هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون. إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون. يا فلان ابن فلانة، أو يا عبد الله، يا ابن أمة الله: يرحمك الله - ذهبت عنك الدنيا وزينتها، وصرت الآن في برزخ من برزخ الآخرة، فلا تنس العهد الذي فارقتنا عليه في دار الدنيا وقدمت به إلى دار الآخرة، وهو شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. فإذا جاءك الملكان الموكلان بك وبأمثالك من أمة محمد (ص) فلا يزعجاك ولا يرعباك، واعلم أنهما خلق من خلق الله تعالى - كما أنت خلق من خلقه - فإذا أتياك وأجلساك وسألاك وقالا لك: ما ربك؟ وما دينك؟ وما نبيك؟ وما اعتقادك؟ وما الذي مت عليه؟ فقل لهما: الله ربي. فإذا سألاك الثانية، فقل لهما: الله ربي. فإذا سألاك الثالثة وهي الخاتمة الحسنى فقل لهما بلسان طلق بلا خوف ولا فزع: الله ربي، والاسلام ديني، ومحمد نبيي، والقرآن