إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ١١٠
الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) *. (1) فورد النص في البيع، وقيس عليه غيره. ومحل الحرمة، في حق من جلس له: في غير الجامع، أما من سمع النداء فقام قاصدا الجمعة، فباع في طريقه أو قعد في الجامع وباع، فإنه لا يحرم عليه. لكن البيع في المسجد مكروه، ومحلها أيضا، إن كان عالما بالنهي، ولا ضرورة كبيعه للمضطر ما يأكله، وبيع كفن لميت خيف تغيره بالتأخير، وإلا فلا حرمة، وإن فاتت الجمعة. وخرج بقوله من تلزمه الجمعة: من لا تلزمه، فلا حرمة عليه، ولا كراهة. لكن إذا تبايع مع من هو مثله. أما إذا تبايع مع من تلزمه حرم عليه أيضا، لإعانته على الحرام.
وقيل: كره له ذلك. (قوله: كاشتغال بصنعة) تمثيل لنحو مبايعة. قال في النهاية: وهل الاشتغال بالعبادة - كالكتابة - كالاشتغال بنحو البيع؟ مقتضى كلامهم: نعم. اه‍. قال ع ش: أي فيحرم خارج المسجد، ويكره فيه. (قوله: بعد شروع) متعلق بحرم. (وقوله: في أذان خطبة) أي الاذان الذي بين يدي الخطيب، وقيد الاذان بما ذكر لأنه الذي كان في عهده (ص)، فانصرف النداء في الآية إليه. (قوله: فإن عقد) أي من حرم عليه العقد. بيعا كان أو غيره. وعبارة المغنى مع الأصل: فإن باع من حرم عليه البيع صح بيعه، وكذا سائر عقوده، لان النهي لمعنى خارج عن العقد، أي وهو التشاغل عن صلاتها، فلم يمنع الصحة، كالصلاة في الدار المغصوبة. اه‍. (قوله: ويكره) أي نحو مبايعة. (وقوله: قبل الاذان) أي الذي بين يدي الخطيب، وإن كان بعد الاذان الأول. (وقوله: بعد الزوال) متعلق بيكره، أو متعلق بمحذوف حال من نائب فاعله. وإنما كره ذلك بعده لدخول وقت الوجوب. نعم، إن فحش تأخير الجمعة عن الزوال فلا كراهة، وخرج ببعد الزوال ما إذا وقع ذلك قبله، فلا يكره، وهذا محمول على من لم يلزمه السعي قبله، وإلا فيحرم عليه من وقت وجوبه عليه. (قوله: وحرم على من تلزمه إلخ) أي لما صح أن من سافر يوم الجمعة بعد الفجر دعا عليه ملكاه، فيقولان: لا نجاه الله من سفره، ولا أعانه على قضاء حاجته. (حكي) ابن أبي شيبة عن مجاهد: أن قوما خرجوا في سفر حين حضرت الجمعة، فاضطرم عليهم خباؤهم نارا، من غير نار يرونها. (قوله: سفر) فاعل حرم. قال البجيرمي:
وخرج به النوم قبل الزوال، فلا يحرم، وإن علم فوات الجمعة به. كما اعتمده شيخنا م ر لأنه ليس من شأن النوم الفوات. وخالفه غيره اه‍. وقوله: وخالفه غيره. أي فيما إذا علم فوات الجمعة به. (قوله: تفوت به الجمعة) أي بحسب ظنه، وخرج به ما إذا لم تفت به، بأن غلب على ظنه إدراكها في مقصده أو طريقه، فلا يحرم لحصول المقصود، وهو إدراكها. قال سم: ولو تبين خلاف ظنه بعد سفره فلا إثم، والسفر غير معصية، كما هو ظاهر. اه‍. وفي التحفة: وقيده - أي عدم الحرمة - فيما إذا لم تفت عليه صاحب التعجيز بحثا بما إذا لم تبطل بسفره جمعة بلده، بأن كان تمام الأربعين.
وكأنه أخذه مما مر آنفا من حرمة تعطيل بلدهم عنها. لكن الفرق واضح، فإن هؤلاء معطلون بغير حاجة، بخلاف المسافر، فإن فرض أن سفره لغير حاجة اتجه ما قاله، وإن تمكن منها في طريقه. اه‍. (قوله: كأن ظن إلخ) تمثيل للسفر الذي تفوت به الجمعة، والأولى بأن ظن بباء التصوير. (وقوله: لا يدركها) أي الجمعة. (وقوله: في طريقه) أي بأن لم يكن فيه محل تقام فيه الجمعة. (وقوله: أو مقصده) أي وطنه أو غيره، بأن ظن أنه إذا وصله يجد الجمعة قد صليت.
(قوله: ولو كان السفر طاعة) غاية في الحرمة، وهي للرد على القديم الذي يخص حرمة السفر قبل الزوال بالمباح، ويجعل سفر الطاعة قبل الزوال جائزا. اه‍. بجيرمي. (وقوله: مندوبا أو واجبا) المناسب مندوبة أو واجبة، ليكون تعميما في الطاعة. والمندوبة: كزيارة قبر النبي (ص). والواجبة: كالحج. (قوله: بعد فجرها) متعلق بحرم، أو بمحذوف صفة لسفر، وإنما حرم من بعد الفجر، مع أن وقت الوجوب إنما يدخل بالزوال، لان الجمعة مرتبطة باليوم، ولذا وجب السعي إليها قبل الزوال على بعيد الدار. (قوله: أي فجر يوم الجمعة) أفاد بهذا التفسير أن إضافة فجر لضمير الجمعة لأدنى ملابسة، إذ الفجر ليومها، لا لها، لكن لما كانت تقع في اليوم نسب إليها ما ينسب إليه. (قوله: إلا إن خشي إلخ)

(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست