القدوة به المؤدي إلى إنشاء جمعة بعد أخرى. ثانيها: أن يقع بعد القدوة أو في ركوعها وهنا يصبح وتحصل الجمعة له ولهم ثالثها: أن يقع بعد ركوع الركعة الأولى، ولو في اعتداله، وهذا يحرم عليه، لأنه يفوت بذلك الجمعة على نفسه، فيجب أن يتقدم غيره ممن أدركه في الركوع أو قبله. ومع ذلك لو تقدم هو صحت الجمعة لهم، لا له.
ووقع خلاف بين المتأخرين: فيما إذا أدرك الخليفة ركوع الثانية وسجدتيها، أو استخلف في التشهد؟ فقال ابن حجر: لا يدرك الجمعة، بل يتمها ظهرا، وقال شيخ الاسلام والخطيب والرملي: يدرك الجمعة، فيأتي بركعة ثم يسلم.
والثاني: وهو ما إذا وقع الاستخلاف في غير الجمعة، يجوز مطلقا، سواء كان الخليفة مقتديا بالامام قبل أن تبطل صلاته أم لا، لكنهم يحتاجون لنية الاقتداء به في الثانية إن خالف الامام في ترتيب صلاته، بأن استخلف في الثانية أو في الأخيرة، فإن لم يخالفه في ذلك، بأن استخلف في الأولى أو في ثالثة الرباعية، فلا يحتاجون لنية الاقتداء، أما في الأولى، وهي ما إذا كان مقتديا به قبل أن تبطل صلاته، فلا يحتاجون لنية الاقتداء مطلقا، لأنه تلزمه مراعاة نظم صلاة الامام باقتدائه به. ثم إن كان عالما بنظم صلاة الامام فذاك، وإلا فيراقب من خلفه. فإذا هموا بالقيام قام، وإلا قعد.
وفي الرباعية إذا هموا بالقعود قعد، وتشهد معهم، ثم يقوم، فإذا قاموا معه علم أنها ثانيتهم، وإلا علم أنها آخرتهم. ثم إنه إنما يجوز الاستخلاف إن وقع عن قرب بعد بطلان صلاة الامام، بأن لم ينفردوا بعده بركن قولي، أو فعلي، أو يمض زمن يمكن وقوع ذلك فيه، وإلا امتنع في الجمعة مطلقا وامتنع في غيرها بغير تجديد نية الاقتداء منهم به.
ولو انفرد بعض المقتدين بركن دون بعض احتاج الأول لتجديد نية الاقتداء، دون الثاني. هذا في غير الجمعة.
فإن كان فيها وكان غير المنفردين بالركن أربعين، بقيت الجمعة، وإلا بطلت إن كان الانفراد بالركن في الركعة الأولى. فإن كان في الثانية بقيت الجمعة أيضا.
(فروع) لو أراد الامام أن يستخلف قبل خروجه من الإمامة أو من الصلاة: لا يجوز، ولو بطلت صلاة الخليفة، فتقدم ثالث فأخرج نفسه مما مر فتقدم رابع وهكذا، جاز. ويشترط في كل منهم ما يشترط في الخليفة الأول. ويراعي الكل نظم صلاة الامام الأول. ولو توضأ الأول، ثم اقتدى بخليفته، فأحدث الخليفة، ثم تقدم هو: جاز. والكلام على مسألة الاستخلاف مما أفرد بالتأليف. وفي هذا القدر كفاية. والله سبحانه وتعالى أعلم.
(قوله: تتمة) أي في بيان كيفية صلاة المسافر، من حيث القصر والجمع. وقد أفردها الفقهاء بباب مستقل.
ويذكرونه عقب الجماعة وقبل الجمعة.
(واعلم) أي الأصل في القصر قبل الاجماع قوله تعالى: * (وإذا ضربتم في الأرض) * (1) أي سافرتم فيها، ومثلها البحر: * (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) * (1) قال يعلى بن أمية - رضي الله عنه - قلت لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إنما قال تعالى: * (إن خفتم) * (1) وقد أمن الناس. فقال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله (ص) فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته. رواه مسلم.
وروى ابن أبي شيبة: إن خيار أمتي من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، والذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساؤا استغفروا، وإذا سافروا قصروا. والأصل في الجمع ما رواه الشيخان، عن أبن عمر، أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا عجل السير جمع بين المغرب والعشاء ورويا أيضا عن معاذ قال: خرجنا مع رسول الله (ص) عام تبوك، وكان يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. ورويا أيضا عن أنس أنه عليه الصلاة والسلام كان يجمع بين الظهر والعصر في السفر.
وشرع القصر في السنة الرابعة من الهجرة - كما قاله ابن الأثير - وقيل في السنة الثانية في ربيع الثاني منها. *