إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ١ - الصفحة ٢٥٦
في مبحث الفاتحة أنه لو قرأ المصلي آية، أو سمع آية، فيها اسم محمد (ص) لم تندب الصلاة عليه. وتقدم فيما كتبته عليه أن العجلي قال باستحباب الصلاة عليه عند قراءة آية فيها اسم محمد (ص). فارجع إليه إن شئت. (قوله: نحو نذرت لك) تمثيل للقربة المشتملة على الخطاب. ومثله أعتقتك يا عبدي. وقوله: أو رحمك الله تمثيل للدعاء المشتمل على الخطاب. وقوله: ولو لميت أي ولو قال: رحمك الله لميت، فإنها تبطل. والغاية للرد على المستثني لهذه الصورة من البطلان بالخطاب. واستثنى مسائل غيرها أيضا ذكرها في شرح الروض، وعبارته: واستثنى الزركشي وغيره مسائل، إحداها دعاء فيه خطاب لما لا يعقل، كقوله: يا أرض، ربي وربك الله، أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وشر ما دب عليك. وكقوله إذا رأى الهلال: آمنت بالذي خلقك ربي وربك الله. ثانيتها: إذا أحس بالشيطان فإنه يستحب أن يخاطبه بقوله ألعنك بلعنة الله، أعوذ بالله منك. لأنه (ص) قال ذلك في الصلاة. ثالثتها: لو خاطب الميت في الصلاة عليه فقال:
رحمك الله، عافاك الله، غفر الله لك. لأنه لا يعد خطابا، ولهذا لو قال لامرأته: إن كلمت زيدا فأنت طالق فكلمته ميتا لم تطلق. اه‍. وساق في المغنى أيضا هذه المسائل المستثناة، ثم قال: والمعتمد خلاف ما ذكر من الاستثناء. اه‍. (قوله:
ويسن لمصل) مثله المؤذن والمقيم، فالرد منهم سنة، وإن كان السلام عليهم غير مندوب، وذلك للاتباع. (قوله: سلم عليه) الجار والمجرور نائب فاعل سلم والضمير يعود على المصلي. أي سلم غيره عليه. وقوله: الرد نائب فاعل يسن. (وقوله: بالإشارة) متعلق بالرد. وقوله: باليد متعلق بالإشارة. (وقوله: ولو ناطقا) أي ولو كان المصلي الراد ناطقا. (قوله: ثم بعد إلخ) ظاهر صنيعه هنا أنه يجمع بين الرد بالإشارة والرد باللفظ، وسيأتي عنه في باب الجهاد أنه إن لم يرد بالإشارة في الصلاة يرد بعد الفراغ باللفظ. وعبارته هناك: ويسن الرد لمن في الحمام وملب باللفظ، ولمصل ومؤذن ومقيم بالإشارة، وإلا فبعد الفراغ، أي وإن قرب الفصل، ولا يجب عليهم. اه‍. وصنيع التحفة يؤيد الأول فانظره. (قوله: باللفظ) متعلق بمحذوف كالظرف الذي قبله، تقديره يرد، أن يرد بعد الفراغ باللفظ. (قوله: ويجوز الرد) أي من المصلي، لانتفاء الخطاب فيه. (وقوله: بقوله) أي المصلي. (وقوله: وعليه السلام) أي بضمير الغيبة.
(وقوله: كالتشميت برحمة الله) أي كما أنه يجوز للمصلي تشميت العاطس برحمه الله، أي بضمير الغيبة. (قوله: ولغير مصل إلخ) معطوف على قوله لمصل سلم عليه. أي ويسن لغير مصل رد إلخ. وإنما لم يجب لان سلام المصلي إنما ينصرف للتحليل دون التأمين المقصود من السلام الواجب رده، ولأنه حين سلم غير متأهل لخطاب غير الله تعالى حتى يلزم الرد عليه. (قوله: ولمن عطس إلخ) معطوف أيضا على لمصل. أي ويسن لمن عطس في الصلاة أن يحمد الله تعالى ويسمع نفسه. قال ع ش: لكن إذا وقع ذلك في الفاتحة قطع الموالاة. اه‍. وفي التحفة ما نصه: وبحث ندب تشميت مصل عطس وحمد جهرا. اه‍. وقال سم: هل يسن له أي المصلي إجابة هذا التشميت بلا خلاف. اه‍.
(قوله: لا تبطل بيسير نحو تنحنح) أي من ضحك وسعال وعطاس، وإن ظهر به حرفان، ولو من كل نفخة. اه‍. نهاية.
(وقوله: عرفا) مرتبط بقوله: يسير. أي أن العبرة في كونه يسيرا أي قليلا العرف. والمراد أن ما يظهر في نحو التنحنح من الحروف يشترط أن يكون قليلا في العرف. فالقلة ومثلها الكثرة - كما سيأتي - راجعان لذلك، لا لنحو التنحنح. إذ مجرد الصوت لا يضر مطلقا. أفاده سم. (قوله: لغلبة عليه) أي قهر منه. قال القليوبي: المراد من الغلبة عدم قدرته على دفعه. اه‍. وخرج بها ما لو قصد التنحنح ونحوه، كأن تعمد السعال لما يجده في صدره فحصل منه حرفان مثلا من مرة، أو ثلاث حركات متوالية، فتبطل الصلاة به. وهذا خصوصا في شربة التنباك كثيرا. كذا في بشرى الكريم. (قوله: ولا بيسير إلخ) أي ولا تبطل بكلام يسير في العرف. فإضافة يسير إلى ما بعده من إضافة الصفة للموصوف، وذلك ست
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»
الفهرست