تمثيل لذات السبب. (قوله: أما النفل المطلق) محترز قوله: غير مطلق. (قوله: كما في ركعتي التحية إلخ) الكاف للتنظير لا للتمثيل للنفل المطلق. أي يكفي في النفل المطلق نية فعل الصلاة، كما يكفي ذلك في ركعتي التحية إلخ.
وقد مر ما يؤيده ذلك. (قوله: وكذا صلاة الأوابين) أي ومثل ركعتي التحية صلاة الأوابين، فلا يحتاج إلى تعيين. وهي - كما سيأتي - عشرون ركعة بين المغرب والعشاء. ورويت: ستا، وأربعا، وركعتين، وهما الأقل. (قوله: والذي جزم به شيخنا في فتاويه) عبارتها بعد كلام طويل: بل ينوي بهما سنة الغفلة أو سنة صلاة الأوابين، فإن أطلق وقعتا نافلة مطلقة فلا يثاب عليهما إلا من حيث مطلق الصلاة دون خصوصها. اه. (قوله: أنه لا بد فيها) أي في صلاة الأوابين. أي في حصول خصوص ثوابها. (وقوله: كالضحى) ليس في عبارة الفتاوي، لكن تشبيه صلاة الأوابين بها له وجه، وذلك لان كلا منهما من السنن المؤقتة، بخلاف تشبيهها بتحية المسجد فليس له وجه، لان تحية المسجد من ذات السبب وصلاة الأوابين من المؤقتة كما علمت. (قوله: وتجب نية فرض) أي ملاحظته وقصده. فيلاحظ ويقصد كون الصلاة فرضا. قال السيوطي في الأشباه والنظائر: العبادات في التعرض للفرضية على أربعة أقسام: ما يشترط فيه بلا خلاف، وهو الكفارات. وما لا يشترط فيه بلا خلاف، وهو الحج والعمرة والجماعات. وما يشترط فيه على الأصح، وهو الغسل والصلاة والزكاة بلفظ الصدقة. وما لا يشترط فيه على الأصح وهو الوضوء والصوم والزكاة بلفظها والخطبة. اه. (قوله:
ولو كفاية أو نذرا) غاية أولى لوجوب نية الفرض. أي تجب نية الفرض، ولو كان فرض كفاية أو كان نذرا. (قوله: وإن كان الناوي صبيا) غاية ثانية لوجوب ما ذكر. وخالف الجمال الرملي واعتمد عدم اشتراط نية الفرضية في حقه، وعلله بوقوع صلاته نفلا، فكيف ينوي الفرضية؟ واعتمد ابن حجر الاشتراط، وقال: المراد بالفرض في حقه صورته، أو حقيقته في الأصل لا في حقه. ويؤيد ذلك أنه لا بد من القيام في صلاته وإن كانت نفلا. (قوله: ليتميز عن النفل) تعليل لوجوب نية الفرض. قال الكردي: أي لان قصد الفعل والتعيين من حيث هو موجود - إن في النفل - فزيد في الفرض نية الفرضية ليحصل له تمييز عن النفل ورتبة. اه. (قوله: كأصلي فرض الظهر) أي كأن يقصد بقلبه ذلك وإن لم ينطق به. وهذا المثال جامع للثلاثة: قصد الفعل، والتعيين، ونية الفرضية. ومثله أصلي الظهر فرضا. (قوله: أو فرض الجمعة) أي: أو كأصلي فرض الجمعة. (قوله: وإن أدرك الامام في تشهدها) أي ينوي فرض الجمعة وإن أدرك الامام في التشهد، ويتمها حينئذ ظهرا. وفيه اللغز المشهور وهو: نوى ولا صلى، وصلى ولا نوى. أي: نوى الجمعة ولا صلاها، وصلى الظهر ولا نواها. (قوله: وسن في النية إضافة إلى الله تعالى) أي استحضارها في ذهنه. والمراد بها الإضافة اللغوية، وهي الاسناد. أي يسن أن يسند ما نواه إلى الله تعالى، أي يلاحظ ذلك. وإنما لم تجب الإضافة لأنها في الواقع لا تكون إلا لله تعالى. (قوله: وليتحقق معنى الاخلاص) تعليل ثان لسنية الإضافة. وجعله في المغني تعليلا لوجوب الإضافة، وعبارته: وقيل: تجب ليتحقق معنى الاخلاص. ومثله في النهاية، والكل صحيح لان تحقق معنى الاخلاص، كما يصلح أن يكون تعليلا لوجوبها يصلح أن يكون تعليلا لسنيتها. والاخلاص كما ورد في الخبر: العمل لله وحده.
والكامل منه إفراد الحق تعالى في الطاعة بالقصد. ومراتبه ثلاث: عليا، وهي أن يعمل لله وحده امتثالا لامره وقياما بحق عبوديته. ووسطى، وهي أن يعمل لثواب الآخرة. ودنيا، وهي أن يعمل للاكرام في الدنيا والسلامة من آفاتها. وما عدا ذلك رياء وإن تفاوتت أفراده. قال الشيخ زين الدين - جد المؤلف - في هداية الأذكياء: